( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا روح بن أسلم ) بفتح وسكون واو ، ثم حاء مهملة ( أبو حاتم ) بكسر التاء ( البصري ) بالفتح ، ويجوز كسره ( حدثنا ، حدثنا حماد بن سلمة ثابت عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد أخفت في الله ) ماض مجهول من أخاف بمعنى خوف ( وما يخاف ) بضم أوله ، أي : والحال أنه لا يخاف ( أحد غيري ) لأني كنت وحيدا في ابتداء إظهار ديني ، والمعنى وما يخاف مثل ما أخفت ، وكذا الكلام في قوله ( ولقد أوذيت في الله ) أي : في دينه ( وما يؤذى أحد ) أي : ولم يكن معي أحد يوافقني في تحمل أذية الكفار حينئذ ( ولقد أتت ) أي : مرت ومضت ( علي ثلاثون من بين ليلة ويوم ) قال الطيبي : تأكيد للشمول أي : ثلاثون يوما وليلة متواليات لا ينقص منها شيء ، نقله ميرك وتبعه ابن حجر ، وقال الحنفي : فيه تأمل ، قلت الظاهر أن من تمييز لثلاثين يبين أن العدد نصف شهر لا شهر كامل ( ما لي ) وفي نسخة وما لي بالواو ، وجعله العصام أصلا ، وقال في بعض النسخ بدون [ ص: 247 ] واو ، كأنه رأى أن وجود الواو ظهر في إرادة المعنى الحالية ، والحال أنه ليس لي ( ولبلال طعام يأكله ) أي : على وجه الشبع ( ذو كبد ) أي : حيوان ، وفيه إشارة إلى قلته ( إلا شيء ) أي : قليل جدا ( يواريه ) أي : يستره ( إبط بلال ) فكنى بالواردة تحت الإبط عن الشيء اليسير وعن عدم ما يجعل من ظرف وشبهه من منديل ونحوه ، وتوضيحه ما قاله المظهر : يعني وكان بعض الأوقات تمر علي ثلاثون يوما وليلة ، ولم يكن لي طعام وكسوة ، وكان في ذلك الوقت بلال رفيقي ، وما لنا شيء من الطعام إلا شيء يسير قليل بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه ، ولم يكن لنا ظرف نضع الطعام فيه ، واعلم أني رأيت بخط ميرك عن السيد أصيل الدين قدس سره أنه قال سمعت من لفظ الشيخ سكون الباء في إبط ، وما سمعنا بكسر الباء ، ويقولون بها أهل هذه البلدة ، وهو غلط فاحش انتهى ، وهو محمول على المخالفة في الرواية ، وإلا فقد جاء الكسر أيضا في اللغة فقال الجوهري : الإبط بكسر الهمزة وسكون الباء الموحدة ، وكسرها ما تحت الجناح يذكر ويؤنث والجمع آباط ، وفي القاموس : الإبط باطن المنكب وبكسر الباء ، وقد يؤنث هذا ، والحديث أخرجه المصنف في جامعه أيضا ، وقال : معنى هذا الحديث حين خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - هاربا من مكة ومعه بلال ، إنما كان مع بلال من الطعام ما يحمله تحت إبطه .