واختلف في اشتراطها في كالنكاح والطلاق والنسب ، قال أصحابنا رضي الله عنهم : " ليست بشرط " وقال الشهادة بالحقوق التي ليست بمال ، : رضي الله عنه " شرط " ( وجه ) [ ص: 280 ] قول الشافعي - رحمه الله - أن شهادة النساء حجة ضرورة ; لأنها جعلت حجة في باب الديانات عند عدم الرجال ، ولا ضرورة في الحقوق التي ليست بمال لاندفاع الحاجة فيها بشهادة الرجال ، ولهذا لم تجعل حجة في باب الحدود والقصاص . الشافعي
وكذا لم تجعل حجة بانفرادهن فيما لا يطلع عليه الرجال ، ( ولنا ) قوله تبارك وتعالى { واستشهدوا } الآية ، جعل الله سبحانه وتعالى لرجل وامرأتين شهادة على الإطلاق ; لأنه سبحانه وتعالى جعلهم من الشهداء ، والشاهد المطلق من له شهادة على الإطلاق ، فاقتضى أن يكون لهم شهادة في سائر الأحكام ، إلا ما قيد بدليل .
وروي عن سيدنا رضي الله عنه أنه أجاز شهادة النساء مع الرجال في النكاح والفرقة ، ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر من الصحابة فكان إجماعا منهم على الجواز ; ولأن شهادة رجل وامرأتين في إظهار المشهود به مثل شهادة رجلين ، لرجحان جانب الصدق فيها على جانب الكذب بالعدالة ، لا أنها لم تجعل حجة فيما يدرأ بالشبهات لنوع قصور وشبهة فيها لما ذكرنا ، وهذه الحقوق تثبت بدليل فيه شبهة . عمر
( وأما ) قوله بأنها ضرورة فلا تسلم ، فإنها مع القدرة على شهادة الرجال في باب الأموال مقبولة ، فدل أنها شهادة مطلقة لا ضرورة ، وبه تبين أن نقصان الأنوثة يصير مجبورا بالعدد فكانت شهادة مطلقة ، واختلف في اشتراطها في الشهادة على الإحصان ، قال علماؤنا الثلاثة رضي الله عنهم : " ليست بشرط " وقال : شرط حتى يظهر الإحصان بشهادة رجل وامرأتين ، عندنا وعنده لا يظهر ( وجه ) قول زفر - رحمه الله - أن الذكورة شرط في علة العقوبات بالإجماع ، حتى لا يظهر بشهادة رجل وامرأتين ، والإحصان من جملة أوصاف العلة ; لأن علة وجوب الرجم ليس هو الزنا المطلق ، بل الزنا لموصوف بالتغليظ ، ولا يتغلظ إلا بالإحصان ، فكان الإحصان من جملة العلة فلا يثبت بشهادة النساء ، ولهذا لو أقر بالإحصان جاز رجوعه ، كما أنه لو أقر بالزنا رجع ، وكذا الشهادة القائمة على الإحصان من غير دعوى كالشهادة القائمة على الزنا . زفر
( ولنا ) قوله عز وجل { فاستشهدوا } الآية ، ودلالتها على نحو ما تقدم مع - رحمه الله - . الشافعي
وأما قوله : " من جملة العلة الإحصان " ، قلنا : " لا ممنوع ، بل هو شرط العلة " فيصير الزنا عنده علة ، والحكم يضاف إلى العلة لا إلى الشرط لما عرف في أصول الفقه .
وأما الرجوع عنه بعد الإقرار فلا نسلم أنه لا يصح الرجوع في قول - رحمه الله - ، ولا يصح في قول أبي يوسف - رحمه الله - ، وهذا حجة على زفر ، ولا رواية فيه عند زفر أبي حنيفة - رحمهما الله - ، فلنا أن نمنع ، وعدم اشتراط الدعوى يدل على أنه حق الله سبحانه وتعالى لا على أنه تضاف إليه العقوبة ، ألا ترى أن الدعوى ليست بشرط في عتق الأمة إجماعا ، ولا في عتق العبد عند ومحمد أبي يوسف ، وإن كان لا يتقرر تعلق عقوبة به ونحن نسلم أن الإحصان حق الله تعالى في هذا الوقت ، على ما عرف في الخلافيات . ومحمد