حرب : الحرب : نقيض السلم ، أنثى ، وأصلها الصفة كأنها مقاتلة حرب ، هذا قول ، وتصغيرها حريب بغير هاء ، رواية عن العرب ؛ لأنها في الأصل مصدر ; ومثلها ذريع وقويس وفريس ، أنثى ونييب وذويد ، تصغير ذود ، وقدير ، تصغير قدر ، وخليق . يقال : ملحفة خليق ; كل ذلك تأنيث يصغر بغير هاء . قال : وحريب أحد ما شذ من هذا الضرب . وحكى السيرافي فيها التذكير ; وأنشد : ابن الأعرابي
وهو ، إذا الحرب هفا عقابه كره اللقاء تلتظي حرابه
قال : والأعرف تأنيثها ; وإنما حكاية نادرة . قال : وعندي أنه إنما حمله على معنى القتل ، أو الهرج ، وجمعها حروب . ويقال : وقعت بينهم حرب . ابن الأعرابي الأزهري : أنثوا الحرب ، لأنهم ذهبوا بها إلى المحاربة ، وكذلك السلم والسلم ، يذهب بهما إلى المسالمة فتؤنث . ودار الحرب : بلاد المشركين الذين لا صلح بينهم وبين المسلمين . وقد حاربه محاربة وحرابا ، وتحاربوا واحتربوا وحاربوا بمعنى . ورجل حرب ومحرب ، بكسر الميم ، ومحراب : شديد الحرب ، شجاع ; وقيل : محرب ومحراب : صاحب حرب . وقوم محربة ورجل محرب أي محارب لعدوه . وفي حديث علي ، كرم [ ص: 70 ] الله وجهه : فابعث عليهم رجلا محربا ، أي معروفا بالحرب ، عارفا بها ، والميم مكسورة ، وهو من أبنية المبالغة ، كالمعطاء من العطاء . وفي حديث ، رضي الله عنهما ، قال في علي ، كرم الله وجهه : ما رأيت محربا مثله . وأنا حرب لمن حاربني أي عدو . وفلان حرب فلان أي محاربه . وفلان حرب لي أي عدو محارب ، وإن لم يكن محاربا ، مذكر ، وكذلك الأنثى . قال ابن عباس نصيب :
وقولا لها : يا أم عثمان خلتي ! أسلم لنا في حبنا أنت أم حرب
وقوم حرب : كذلك وذهب بعضهم إلى أنه جمع حارب ، أو محارب ، على حذف الزائد . وقوله تعالى : فأذنوا بحرب من الله ورسوله أي بقتل . وقوله تعالى : الذين يحاربون الله ورسوله يعني المعصية ، أي يعصونه . قال الأزهري : أما قول الله تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية فإن أبا إسحاق النحوي زعم أن قول العلماء : إن هذه الآية نزلت في الكفار خاصة . وروي في التفسير : أن أبا بردة الأسلمي كان عاهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن لا يعرض لمن يريد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بسوء ، وأن لا يمنع من ذلك ، وأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا يمنع من يريد أبا بردة ، فمر قوم بأبي بردة يريدون النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فعرض أصحابه لهم ، فقتلوا وأخذوا المال ، فأنزل الله على نبيه ، وأتاه جبريل فأعلمه أن الله يأمره أن من أدركه منهم قد قتل وأخذ المال قتله وصلبه ، ومن قتل ولم يأخذ المال قتله ، ومن أخذ المال ولم يقتل قطع يده لأخذه المال ، ورجله لإخافة السبيل . والحربة : الألة دون الرمح ، وجمعها حراب . قال : ولا تعد الحربة في الرماح . والحارب : المشلح . والحرب بالتحريك : أن يسلب الرجل ماله . حربه يحربه إذا أخذ ماله ؛ فهو محروب وحريب ، من قوم حربى وحرباء ، الأخيرة على التشبيه بالفاعل ، كما حكاه ابن الأعرابي ، من قولهم قتيل وقتلاء . وحريبته : ماله الذي سلبه ، لا يسمى بذلك إلا بعدما يسلبه . وقيل : حريبة الرجل : ماله الذي يعيش به . تقول : حربه يحربه حربا ، مثل طلبه يطلبه طلبا ، إذا أخذ ماله وتركه بلا شيء . وفي حديث سيبويه بدر قال المشركون : اخرجوا إلى حرائبكم ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في الروايات ، بالباء الموحدة ، جمع حريبة وهو مال الرجل الذي يقوم به أمره ، والمعروف بالثاء المثلثة حرائثكم ، وسيأتي ذكره . وقد حرب ماله أي سلبه ؛ فهو محروب وحريب . وأحربه : دله على ما يحربه . وأحربته أي دللته على ما يغنمه من عدو يغير عليه ; وقولهم : واحربا إنما هو من هذا . وقال ثعلب : لما مات حرب بن أمية بالمدينة ، قالوا : واحربا ، ثم ثقلوها فقالوا : واحربا . قال : ولا يعجبني . ابن سيده الأزهري : يقال حرب فلان حربا ، فالحرب : أن يؤخذ ماله كله ؛ فهو رجل حرب أي نزل به الحرب ، وهو محروب حريب . والحريب : الذي سلب حريبته . في قوله : اتقوا الدين ؛ فإن أوله هم وآخره حرب ، قال : تباع داره وعقاره ، وهو من الحريبة . محروب : حرب دينه أي سلب دينه ، يعني قوله : فإن المحروب من حرب دينه ، وقد روي بالتسكين ، أي النزاع . وفي حديث ابن شميل الحديبية : وإلا تركناهم محروبين أي مسلوبين منهوبين . والحرب ، بالتحريك : نهب مال الإنسان ، وتركه لا شيء له . وفي حديث المغيرة ، رضي الله عنه : طلاقها حريبة أي له منها أولاد ، إذا طلقها حربوا وفجعوا بها ؛ فكأنهم قد سلبوا ونهبوا . وفي الحديث : الحارب المشلح ; أي الغاصب الناهب ، الذي يعري الناس ثيابهم . وحرب الرجل ، بالكسر ، يحرب حربا : اشتد غضبه ؛ فهو حرب من قوم حربى ، مثل كلبى . الأزهري : شيوخ حربى ، والواحد حرب شبيه بالكلبى والكلب . وأنشد قول الأعشى :
وشيوخ حربى بشطي أريك ; ونساء كأنهن السعالي
قال الأزهري : ولم أسمع الحربى بمعنى الكلبى إلا هاهنا ; قال : ولعله شبهه بالكلبى ، أنه على مثاله وبنائه . وحربت عليه غيري أي أغضبته . وحربه : أغضبه . قال أبو ذؤيب :
كأن محربا من أسد ترج ينازلهم لنابيه قبيب
وأسد حرب . وفي حديث علي ، عليه السلام ، أنه كتب إلى ، رضي الله عنهما : لما رأيت العدو قد حرب أي غضب ; ومنه حديث ابن عباس عيينة بن حصن : حتى أدخل على نسائه ، من الحرب والحزن ، ما أدخل على نسائي . وفي حديث الأعشى الحرمازي : فخلفتني بنزاع وحرب ; أي بخصومة وغضب . وفي حديث ابن الزبير ، رضي الله عنهما ، عند إحراق أهل الشام الكعبة : يريد أن يحربهم أي يزيد في غضبهم على ما كان من إحراقها . والتحريب : التحريش ; يقال : حربت فلانا تحريبا إذا حرشته تحريشا بإنسان ، فأولع به وبعداوته . وحربته أي أغضبته ، وحملته على الغضب ، وعرفته بما يغضب منه ; ويروى بالجيم والهمزة ، وهو مذكور في موضعه . والحرب كالكلب . وقوم حربى كلبى ، والفعل كالفعل . والعرب تقول في دعائها على الإنسان : ما له حرب وجرب . وسنان محرب مذرب إذا كان محددا مؤللا . وحرب السنان : أحده ، مثل ذربه ; قال الشاعر :
سيصبح في سرح الرباب وراءها إذا فزعت ، ألفا سنان محرب
والحرب : الطلع ، يمانية ، واحدته حربة ، وقد أحرب النخل . وحربه إذا أطعمه الحرب ، وهو الطلع . وأحربه : وجده محروبا . الأزهري : الحربة : الطلعة إذا كانت بقشرها ; ويقال لقشرها إذا نزع : القيقاءة . والحربة : الجوالق ; وقيل : هي الوعاء ; وقيل : هي الغرارة ; وأنشد : ابن الأعرابي
وصاحب صاحبت غير أبعدا تراه بين الحربتين ، مسندا
والمحراب : صدر البيت ، وأكرم موضع فيه ، والجمع المحاريب ، وهو أيضا الغرفة . قال وضاح اليمن :
ربة محراب ، إذا جئتها [ ص: 71 ] لم ألقها أو أرتقي سلما
وأنشد الأزهري قول امرئ القيس :
كغزلان رمل في محاريب أقوال
قال : والمحراب عند العامة : الذي يقيمه الناس اليوم مقام الإمام في المسجد ، وقال في قوله تعالى : الزجاج وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال : المحراب أرفع بيت في الدار ، وأرفع مكان في المسجد . قال : والمحراب هاهنا كالغرفة ، وأنشد بيت وضاح اليمن . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بعث عروة بن مسعود ، رضي الله عنه ، إلى قومه بالطائف فأتاهم ودخل محرابا له ، فأشرف عليهم عند الفجر ، ثم أذن للصلاة . قال : وهذا يدل على أنه غرفة يرتقى إليها . والمحاريب : صدور المجالس ، ومنه سمي محراب المسجد ، ومنه محاريب غمدان باليمن . والمحراب : القبلة . ومحراب المسجد أيضا : صدره وأشرف موضع فيه . ومحاريب بني إسرائيل : مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها ; وفي التهذيب : التي يجتمعون فيها للصلاة . وقول الأعشى :
وترى مجلسا ، يغص به الم حراب ، ملقوم ، والثياب رقاق
قال : أراه يعني المجلس . وقال الأزهري : أراد من القوم . وفي حديث أنس ، رضي الله عنه ، أنه كان يكره المحاريب ، أي لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس ، ويترفع على الناس . والمحاريب : جمع محراب . وقول الشاعر في صفة أسد :
وما مغب ، بثني الحنو ، مجتعل في الغيل ، في جانب العريس ، محرابا
جعله له كالمجلس . وقوله تعالى : فخرج على قومه من المحراب قالوا : من المسجد . والمحراب : أكرم مجالس الملوك ، عن أبي حنيفة . وقال أبو عبيدة : المحراب سيد المجالس ، ومقدمها وأشرفها . قال : وكذلك هو من المساجد . : العرب تسمي القصر محرابا ; لشرفه ، وأنشد : الأصمعي
أو دمية صور محرابها أو درة شيفت إلى تاجر
أراد بالمحراب القصر ، وبالدمية الصورة . وروى عن الأصمعي : دخلت محرابا من محاريب حمير ، فنفح في وجهي ريح المسك . أراد قصرا أو ما يشبهه . وقيل : المحراب الموضع الذي ينفرد فيه الملك ، فيتباعد من الناس ; قال أبي عمرو بن العلاء الأزهري : وسمي المحراب محرابا ; لانفراد الإمام فيه ، وبعده من الناس ; قال : ومنه يقال : فلان حرب لفلان إذا كان بينهما تباعد ; واحتج بقوله :
وحارب مرفقها دفها وسامى به عنق مسعر
أراد : بعد مرفقها من دفها . وقال الفراء في قوله ، عز وجل : من محاريب وتماثيل ذكر أنها صور الأنبياء والملائكة ، كانت تصور في المساجد ، ليراها الناس فيزدادوا عبادة . وقال : هي واحدة المحراب الذي يصلى فيه . الزجاج الليث : المحراب عنق الدابة ; قال الراجز :
كأنها لما سما محرابها
وقيل : سمي المحراب محرابا لأن الإمام إذا قام فيه ، لم يأمن أن يلحن أو يخطئ ؛ فهو خائف مكانا ؛ كأنه مأوى الأسد ، والمحراب : مأوى الأسد . يقال : دخل فلان على الأسد في محرابه وغيله وعرينه . : المحراب مجلس الناس ومجتمعهم . والحرباء : مسمار الدرع ، وقيل : هو رأس المسمار في حلقة الدرع ، وفي الصحاح والتهذيب : الحرباء مسامير الدروع ; قال ابن الأعرابي لبيد :
أحكم الجنثي ، من عوراتها كل حرباء إذا أكره صل
قال : كان الصواب أن يقول : الحرباء مسمار الدرع ، والحرابي مسامير الدروع ، وإنما توجيه قول ابن بري الجوهري : أن تحمل الحرباء على الجنس ، وهو جمع ، وكذلك قوله تعالى : والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأراد بالطاغوت جمع الطواغيت . والطاغوت : اسم مفرد بدليل قوله تعالى : وقد أمروا أن يكفروا به . وحمل الحرباء على الجنس وهو جمع في المعنى ، كقوله سبحانه : ثم استوى إلى السماء فسواهن فجعل السماء جنسا يدخل تحته جميع السماوات . وكما قال سبحانه : أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء فإنه أراد بالطفل الجنس الذي يدخل تحته جميع الأطفال . والحرباء : الظهر ، وقيل : حرابي الظهر سناسنه ; وقيل : الحرابي : لحم المتن ، وحرابي المتن : لحماته ، وحرابي المتن : لحم المتن ، واحدها حرباء ، شبه بحرباء الفلاة ; قال أوس بن حجر :
ففارت لهم يوما ، إلى الليل ، قدرنا تصك حرابي الظهور وتدسع
قال كراع : واحد حرابي الظهور حرباء ، على القياس ؛ فدلنا ذلك على أنه لا يعرف له واحدا من جهة السماع . والحرباء : ذكر أم حبين ; وقيل : هو دويبة نحو العظاءة ، أو أكبر ، يستقبل الشمس برأسه ويكون معها كيف دارت ، يقال : إنه إنما يفعل ذلك ليقي جسده برأسه . ويتلون ألوانا بحر الشمس ، والجمع الحرابي ، والأنثى الحرباءة . يقال : حرباء تنضب ، كما يقال : ذئب غضى ; قال أبو دواد الإيادي :
أنى أتيح له حرباء تنضبة لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا
قال : هكذا أنشده ابن بري الجوهري ، وصواب إنشاده : أنى أتيح لها ، لأنه وصف ظعنا ساقها ، وأزعجها سائق مجد ، فتعجب كيف أتيح لها هذا السائق المجد الحازم ، وهذا مثل يضرب للرجل الحازم ؛ لأن الحرباء لا تفارق الغصن الأول ، حتى تثبت على الغصن الآخر ; والعرب تقول : انتصب العود في الحرباء ، على القلب ، وإنما هو انتصب الحرباء في العود ; وذلك أن الحرباء ينتصب على الحجارة ، وعلى أجذال الشجر ، يستقبل الشمس ؛ فإذا زالت زال معها مقابلا لها . الأزهري : الحرباء دويبة على شكل سام أبرص ، ذات قوائم [ ص: 72 ] أربع ، دقيقة الرأس ، مخططة الظهر ، تستقبل الشمس نهارها . قال : وإناث الحرابي يقال لها : أمهات حبين ، الواحدة أم حبين ، وهي قذرة لا تأكلها العرب بتة . وأرض محربئة : كثيرة الحرباء . قال : وأرى ثعلبا قال : الحرباء الأرض الغليظة ، وإنما المعروف الحزباء ، بالزاي . والحرث الحراب : ملك من كندة ; قال :
والحرث الحراب حل بعاقل جدثا ، أقام به ، ولم يتحول
وقول البريق :
بألب ألوب وحرابة لدى متن وازعها الأورم
يجوز أن يكون أراد جماعة ذات حراب ، وأن يعني كتيبة ذات انتهاب واستلاب . وحرب ومحارب : اسمان . وحارب : موضع بالشام . وحربة : موضع ، غير مصروف ; قال أبو ذؤيب :
في ربرب ، يلق حور مدامعها كأنهن بجنبي حربة البرد
ومحارب : قبيلة من فهر . الأزهري : في الرباعي احرنبى الرجل : تهيأ للغضب والشر . وفي الصحاح : واحرنبى ازبأر ، والياء للإلحاق بافعنلل ، وكذاك الديك والكلب والهر ، وقد يهمز ; وقيل : احرنبى استلقى على ظهره ، ورفع رجليه نحو السماء . والمحرنبي : الذي ينام على ظهره ويرفع رجليه إلى السماء . الأزهري : المحرنبي مثل المزبئر ، في المعنى . واحرنبى المكان إذا اتسع . وشيخ محرنب : قد اتسع جلده . وروي عن أنه قال : مر أعرابي بآخر ، وقد خالط كلبة صارفا فعقدت على ذكره ، وتعذر عليه نزع ذكره من عقدتها ، فقال له المار : جأ جنبيها تحرنب لك أي تتجاف عن ذكرك ، ففعل وخلت عنه . والمحرنبي : الذي إذا صرع ، وقع على أحد شقيه ; أنشد الكسائي جابر الأسدي :
إني إذا صرعت ، لا أحرنبي ولا تمس رئتاي جنبي
وصف نفسه بأنه قوي ، لأن الضعيف هو الذي يحرنبي . وقال أبو الهيثم في قول الجعدي :
إذا أتى معركا منها تعرفه محرنبيا علمته الموت ، فانقفلا
قال : المحرنبي المضمر على داهية في ذات نفسه . ومثل للعرب : تركته محرنبيا لينباق . وقوله : علمته يعني الكلاب علمت الثور كيف يقتل ، ومعنى علمته : جرأته على المثل ، لما قتل واحدا بعد واحد ، اجترأ على قتلها . انقفل أي مضى لما هو فيه . وانقفل الغزاة إذا رجعوا .