( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )
قوله تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )
حمزة والكسائي ( فارقوا ) بالألف ، والباقون ( فرقوا ) ومعنى القراءتين عند التحقيق واحد : لأن الذي فرق دينه بمعنى أنه أقر ببعض وأنكر بعضا ، فقد فارقه في الحقيقة ، وفي الآية أقوال : قرأ
القول الأول : المراد سائر الملل . قال : يريد المشركين ؛ بعضهم يعبدون الملائكة ويزعمون [ ص: 8 ] أنهم بنات الله ، وبعضهم يعبدون الأصنام ، ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فهذا ابن عباس ، أي فرقا وأحزابا في الضلالة . معنى فرقوا دينهم وكانوا شيعا
وقال مجاهد وقتادة : هم اليهود والنصارى ، وذلك لأن النصارى تفرقوا فرقا ، وكفر بعضهم بعضا ، وكذلك اليهود ، وهم أهل كتاب واحد ، واليهود تكفر النصارى .
والقول الثاني : إن المراد من الآية أخذوا ببعض وتركوا بعضا ، كما قال تعالى : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) [البقرة : 85] وقال أيضا : ( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ) .
والقول الثالث : قال : إن مجاهد ، هم أهل البدع والشبهات واعلم أن المراد من الآية الذين فرقوا دينهم من هذه الأمة . الحث على أن تكون كلمة المسلمين واحدة ، وأن لا يتفرقوا في الدين ولا يبتدعوا البدع
وقوله : ( لست منهم في شيء ) فيه قولان :
الأول : أنت منهم بريء وهم منك برآء وتأويله : إنك بعيد عن أقوالهم ومذاهبهم ، والعقاب اللازم على تلك الأباطيل مقصور عليهم ولا يتعداهم .
والثاني : لست من قتالهم في شيء . قال السدي : يقولون لم يؤمر بقتالهم ، فلما أمر بقتالهم نسخ ، وهذا بعيد ، لأن المعنى لست من قتالهم في هذا الوقت في شيء ، فورود الأمر بالقتال في وقت آخر لا يوجب النسخ .
ثم قال : ( إنما أمرهم إلى الله ) أي فيما يتصل بالإمهال والإنظار ، والاستئصال والإهلاك ( ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) والمراد الوعيد .