( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير )
ثم قال تعالى : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) .
استدلال آخر باختلاف الأزمنة ، وقد ذكرناه مرارا ، وذكرنا أن قوله تعالى بعده : ( وسخر الشمس والقمر ) جواب لسؤال يذكره المشركون ، وهو أنهم قالوا : بسبب اختلاف القسي الواقعة فوق الأرض وتحتها ، فإن في الصيف تمر الشمس على سمت الرءوس في بعض البلاد الماثلة في الآفاق ، وحركة الشمس هناك حمائلية فتقع تحت الأرض أقل من نصف دائرة زمان مكثها تحت الأرض ، فيقصر الليل وفي الشتاء بالضد فيقصر النهار ، فقال الله تعالى : ( اختلاف الليل والنهار وسخر الشمس والقمر ) يعني سبب الاختلاف وإن كان ما ذكرتم ، لكن فهو الذي فعل ذلك . سير الشمس والقمر بإرادة الله وقدرته
ثم قال تعالى : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) .
أي ذلك الذي فعل هذه الأشياء من فطر السماوات والأرض وإرسال الأرواح وإرسال الرياح وخلق الإنسان من تراب وغير ذلك ، فلا معبود إلا هو لذاته الكامل ولكونه ملكا ، والملك مخدوم بقدر ملكه ، فإذا كان له الملك كله فله العبادة كلها ، ثم بين ما ينافي صفة الإلهية ، وهو قوله : ( له الملك كله والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) ، وههنا لطيفة : وهي أن الله تعالى ذكر لنفسه نوعين من الأوصاف .
أحدهما : إن الخلق بالقدرة والإرادة .
والثاني : الملك ، واستدل بهما على أنه إله معبود ، كما قال تعالى : ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس ) ( الناس : 1 - 3 ) ذكر الرب والملك ورتب عليهما كونه إلها أي معبودا ، وذكر فيمن أشركوا [ ص: 12 ] به سلب صفة واحدة ، وهو عدم الملك بقوله : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) ولم يذكر سلب الوصف الآخر لوجهين :
أحدهما : أن كلهم كانوا معترفين بأن لا خالق لهم إلا الله ، وإنما كانوا يقولون بأن الله تعالى فوض أمر الأرض والأرضيات إلى الكواكب التي الأصنام على صورتها وطوالعها ، فقال : لا ملك لهم ولا ملكهم الله شيئا ، ولا ملكوا شيئا .
وثانيهما : أنه يلزم من عدم الملك عدم الخلق ؛ لأنه لو خلق شيئا لملكه ، فإذا لم يملك قطميرا ما خلق قليلا ولا كثيرا .