قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فإن صلوا رجالا ركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها لقوله تعالى - : { اشتد الخوف ، ولم يتمكن من تفريق الجيش فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : " مستقبلي القبلة وغير مستقبليها " وروى ابن عمر عن نافع : " إذا كان الخوف أكثر من ذلك صلى راكبا وقائما يومئ إيماء " قال ابن عمر : ولا بأس أن يضرب الضربة ويطعن الطعنة ، فإن تابع أو عمل ما يطول بطلت صلاته ، وحكى الشيخ الشافعي عن أبو حامد الإسفراييني أبي العباس رحمهما الله - أنه قال : إن لم يكن مضطرا إليه بطلت صلاته ، وإن كان مضطرا إليه لم تبطل كالمشي وحكى عن بعض أصحابنا أنه قال : إن اضطر إليه فعل ولكن تلزمه الإعادة كما نقول فيمن لم يجد ماء ، ولا ترابا : إنه يصلي ويعيد فإن استفتح الصلاة راكبا ثم أمن فنزل فإن استدبر القبلة في النزول - بطلت صلاته ; لأنه ترك القبلة من غير خوف ، وإن لم يستدبر قال - رحمه الله - : بنى على صلاته ; لأنه عمل قليل فلم يمنع البناء وإن استفتحها راجلا فخاف فركب ، قال الشافعي : ابتدأ الصلاة وقال الشافعي أبو العباس : إن لم يكن مضطرا إليه ابتدئ ; لأنه عمل كثير لا ضرورة به إليه .
وإن كان مضطرا لم تبطل ; لأنه مضطر إليه فلم تبطل كالمشي ، وقول أبي العباس أقيس ، والأول أشبه بظاهر النص [ إذا رأوا سوادا فظنوه عدوا وصلوا صلاة شدة الخوف ثم بان أنه لم يكن عدوا ففيه قولان ( أحدهما ) : تجب الإعادة لأنه فرض فلم يسقط بالخطأ كما لو ظن أنه أتى بفرض ثم علم أنه لم يأت به ( والثاني ) : لا إعادة عليه ، وهو الأصح ; لأن العلة في جواز الصلاة شدة الخوف والعلة موجودة في حال الصلاة [ ص: 312 ] فوجب أن يجزئه كما لو رأى عدوا فظن أنهم على قصده فصلى بالإيماء ثم علم أنهم لم يكونوا على قصده فأما إذا رأى العدو فخافهم فصلى صلاة شدة الخوف ثم بان أنه كان بينهم حاجز من خندق أو ماء ففيه طريقان ، من أصحابنا من قال : على قولين كالتي قبلها ، ومنهم من قال : تجب الإعادة هاهنا قولا واحدا ; لأنه فرط في ترك تأمل المانع فلزمه الإعادة فأما إذا غشيه سيل أو طلبه سبع جاز أن يصلي صلاة شدة الخوف ، فإذا أمن لم تلزمه الإعادة .
قال : قياس قول المزني - رحمه الله - أن الإعادة عليه ; لأنه عذر نادر ، والمذهب الأول ; لأن جنس الخوف معتاد فسقط الفرض بجميعه ] ) الشافعي