[ ص: 451 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( قال - رحمه الله : الشافعي والدليل عليه أنه لم يقمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء من بعده في أكثر من موضع ، واختلف أصحابنا في ولا يجمع في مصر - وإن عظم وكثرت مساجده - إلا في مسجد واحد بغداد ، فقال أبو العباس : يجوز في مواضع ; لأنه بلد عظيم ، ويشق الاجتماع في موضع واحد ، وقال أبو الطيب بن سلمة : يجوز في كل جانب جمعة ; لأنه كالبلدين ، ولا يجوز أكثر من ذلك ، وقال بعضهم : كانت قرى متفرقة في كل موضع منها جمعة ، ثم اتصلت العمارة فبقيت على حكم الأصل [ وإن عقدت جمعتان في بلد إحداهما قبل الأخرى وعرفت الأولى منهما نظرت - فإن لم يكن مع واحدة منهما إمام أو كان الإمام مع الأولى - فالجمعة هي الأولى والثانية باطلة ، وبأي شيء يعتبر السبق ؟ فيه قولان ( أحدهما ) : بالفراغ ; لأنه لا يحكم بصلاتها إلا بعد الفراغ منها ، فوجب أن يعتبر السبق بالفراغ .
( والثاني ) : يعتبر بالإحرام ; لأنها بالإحرام تنعقد ، فلا يجوز أن تنعقد بعدها جمعة - فإن كان الإمام مع الثانية ففيه قولان - أحدهما : أن الجمعة هي الأولى ; لأنها جمعة أقيمت شروطها فكانت هي الجمعة .
والثاني : أن الجمعة هي الثانية ; لأن في تصحيح الأولى افتياتا على الإمام وتفويتا للجمعة على عامة الناس .
وإن كانت الجمعتان في وقت واحد من غير إمام بطلتا ; لأنه ليس إحداهما أولى من الأخرى فوجب إبطالهما كما نقول فيمن جمع بين أختين في عقد واحد ، وإن لم يعلم هل كانتا في وقت واحد أو في وقتين بطلتا ; لأنه ليس كونهما في وقت واحد بأولى من تقدم إحداهما على الأخرى فحكم ببطلانهما ، وإن علم أن إحداهما قبل الأخرى ، ولم تتعين حكم ببطلانهما ; لأن كل واحدة من الطائفتين شك في إسقاط الفرض ، والفرض لا يسقط بالشك .
وفيما يجب عليهم قولان ( أحدهما ) : تلزمهم الجمعة إن كان الوقت باقيا ; لأن التي تقدمت لما لم تتعين لم يثبت حكمها فصارت كأن لم تكن ( والثاني ) : يصلون الظهر ; لأنا تيقنا أن المتقدم منهما جمعة صحية فوجب أن يصلوا الظهر احتياطا ، وإن علمت السابقة منهما ثم أشكلت حكم ببطلانهما ; لأنه لا يمكن التوقف إلى أن تعرف ; لأنه يؤدي إلى فوات الوقت أو فواتهما بالموت ، فوجب الحكم ببطلانهما ، وبالله التوفيق ] ) .