[ ص: 63 ] الحال السادسة أو ، أن يختلفا في صفة الوكالة ، فيقول : وكلتك في بيع هذا العبد . قال : بل وكلتني في بيع هذه الجارية . . أو قال : وكلتك في البيع بألفين . قال : بل بألف . أو قال : وكلتك في شراء عبد . قال : بل في شراء أمة . أو قال : وكلتك في الشراء بخمسة . قال : بل بعشرة . فقال قال : وكلتك في بيعه نقدا . قال بل نسيئة : القول قول الموكل . القاضي
وهو مذهب ، وأصحاب الرأي ، الشافعي وقال وابن المنذر : إذا قال : أذنت لك في البيع نقدا ، في الشراء بخمسة . قال : بل أذنت لي في البيع نسيئة ، وفي الشراء بعشرة . فالقول قول الوكيل . نص عليه أبو الخطاب في المضاربة ; لأنه أمين في التصرف ، فكان القول قوله في صفته ، كالخياط إذا قال : أذنت لي في تفصيله قباء . قال : بل قميصا . أحمد
وحكي عن ، إن أدركت السلعة ، فالقول قول الموكل ، وإن فاتت ، فالقول قول الوكيل ; لأنها إذا فاتت لزم الوكيل الضمان ، والأصل عدمه ، بخلاف ما إذا كانت موجودة . والقول الأول أصح ، لوجهين : أحدهما أنهما اختلفا في التوكيل الذي يدعيه الوكيل ، والأصل عدمه ، فكان القول قول من ينفيه ، كما لو لم يقر الموكل بتوكيله في غيره والثاني ، أنهما مالك فكان القول قوله في صفة كلامه ، كما لو اختلف الزوجان في صفة الطلاق . اختلفا في صفة قول الموكل ،
فعلى هذا إذا قال : اشتريت لك هذه الجارية بإذنك . قال : ما أذنت لك إلا في شراء غيرها . أو قال : اشتريتها لك بألفين . فقال : ما أذنت لك في شرائها إلا بألف . فالقول قول الموكل ، وعليه اليمين .
فإذا حلف برئ من الشراء ، ثم لا يخلو إما أن يكون الشراء بعين المال ، أو في الذمة ، فإن كان بعين المال ، فالبيع باطل ، وترد الجارية على البائع إن اعترف بذلك ، وإن كذبه في أن الشراء لغيره أو بمال غيره بغير إذنه ، فالقول قول البائع ; لأن الظاهر أن ما في يد الإنسان له فإن ادعى الوكيل علمه بذلك ، حلفه إنه لا يعلم أنه اشتراه بمال موكله ; لأنه يحلف على نفي فعل غيره فكانت يمينه على نفي العلم ، فإذا حلف ، أمضى البيع ، وعلى الوكيل غرامة الثمن لموكله ، ودفع الثمن إلى البائع ، وتبقى الجارية في يده ، ولا تحل له ; لأنه لا يخلو من أن يكون صادقا ، فتكون للموكل ، أو كاذبا فتكون للبائع ، فإذا أراد استحلالها ، اشتراها ممن هي له في الباطن ، فإن امتنع من بيعه إياها ، رفع الأمر إلى الحاكم ، ليرفق به ليبيعه إياها ، ليثبت الملك له ظاهرا وباطنا ، ويصير ما ثبت له في ذمته ثمنا قصاصا بالذي أخذ منه الآخر ظلما ، فإن امتنع الآخر من البيع ، لم يجبر عليه ; لأنه عقد مراضاة .
وإن . ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يصح . وهو قول قال : إن كانت الجارية لي فقد بعتكها . أو قال الموكل : إن كنت أذنت لك في شرائها بألفين ، فقد بعتكها وبعض الشافعية ; لأنه بيع معلق على شرط . والثاني ، يصح ; لأن هذا أمر واقع يعلمان ، وجوده ، فلا يضر جعله شرطا ، كما لو قال : إن كانت هذه الجارية جاريتي ، فقد بعتكها . وكذلك كل شرط علما وجوده ، فإنه لا يوجب وقوف البيع ولا شكا فيه . القاضي
فأما إن كان الوكيل اشترى في الذمة ثم نقد الثمن ، صح الشراء ، ولزم الوكيل في الظاهر ، فأما في الباطن ، فإن كان الوكيل كاذبا في دعواه ، فالجارية له ; لأنه اشتراها في ذمته بغير أمر غيره ، وإن كان صادقا ، فالجارية لموكله . فإذا أراد إحلالها له ، توصل إلى شرائها منه ، كما ذكرنا . وكل موضع كانت للموكل في الباطن فامتنع من بيعها للوكيل ، فقد حصلت في يد الوكيل ، وهي للموكل ، وفي ذمته للوكيل ثمنها .
فأقرب [ ص: 64 ] الوجوه أن يأذن للحاكم في بيعها ، وتوفية حقه من ثمنها ، فإن كانت للوكيل ، فقد أذن في بيعها ، وإن كانت للموكل ، فقد باعها الحاكم في إيفاء دين امتنع المدين من وفائه . وقد قيل غير ما ذكرنا . وهذا أقرب ، إن شاء الله تعالى . وإن اشتراها الوكيل من الحاكم بماله على الموكل ، جاز ; لأنه قائم مقام الموكل في هذا ، فأشبه ما لو اشترى منه .