( 3913 ) فصل : فلا شيء عليه ; لأن المنافع مأذون في إتلافها ، فلا يجب عوضها . وإن تلف شيء من أجزائها التي لا تذهب بالاستعمال ، فعليه ضمانها ; لأن ما ضمن جملته ضمنت أجزاؤه ، كالمغصوب . وأما أجزاؤها التي تذهب بالاستعمال ، كحمل المنشفة والقطيفة ، وخف الثوب يلبسه ، ففيه وجهان ; أحدهما ، يجب ضمانه ; لأنها أجزاء عين مضمونة ، فكانت مضمونة ، كما لو كانت مغصوبة ، ولأنها أجزاء يجب ضمانها لو تلفت العين قبل استعمالها ، فتضمن إذا تلفت وحدها ، كسائر الأجزاء . وإذا انتفع بها ، وردها على صفتها ،
والثاني ، لا يضمنها . وهو قول لأن الإذن في الاستعمال تضمنه ، فلا يجب ضمانه ، كالمنافع ، وكما لو أذن في إتلافها صريحا . وفارق ما إذا تلفت العين قبل استعمالها ; لأنه لا يمكن تمييزها من العين ، ولأنه إنما أذن في إتلافها على وجه الانتفاع ، فإذا تلفت قبل ذلك فقد تلفت على غير الوجه الذي أذن فيه ، فضمنها ، كما لو أجر العين المستعارة ، فإنه يضمن منافعها . الشافعي
فإذا قلنا : لا يضمن الأجزاء . فتلفت العين بعد ذهابها بالاستعمال ، فإنها تقوم حال التلف ; لأن الأجزاء التالفة تلفت غير مضمونة ، لكونها مأذونا في إتلافها ، فلا يجوز تقويمها عليه . وإن قلنا : يجب ضمان الأجزاء . قومت العين قبل تلف أجزائها . وإن تلفت العين قبل ذهاب أجزائها . ضمنها كلها بأجزائها .
وكذلك لو تلفت الأجزاء باستعمال غير مأذون فيه ، مثل أن يعيره ثوبا ليلبسه ، فحمل فيه ترابا ، فإنه يضمن نقصه ومنافعه ; لأنه تلف بتعديه . وإن تلف بغير تعد منه ولا استعمال ، كتلفها لطول الزمان عليها [ ص: 130 ] ووقوع نار عليها ، فينبغي أن يضمن ما تلف منها بالنار ونحوها ; لأنه تلف لم يتضمنه الاستعمال المأذون فيه ، فأشبه تلفها بفعل غير مأذون فيه . وما تلف بمرور الزمان عليه ، يكون حكمه حكم ما تلف بالاستعمال ; لأنه تلف بالإمساك المأذون فيه ، فأشبه تلفه بالفعل المأذون فيه .