( 4073 ) فصل : وإن فللشفيع الآخر أن يأخذ بقدر نصيبه . وبهذا قال كان المشتري شريكا ، ، [ ص: 211 ] أبو حنيفة . والشافعي
وحكي عن الحسن ، والشعبي ، : لا شفعة للآخر ; لأنها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل ، وهذا شركته متقدمة ، فلا ضرر في شرائه . وحكى والبتي ابن الصباغ عن هؤلاء ، أن الشفعة كلها لغير المشتري . ولا شيء للمشتري فيها ; لأنها تستحق عليه ، فلا يستحقها على نفسه .
ولنا ، أنهما تساويا في الشركة ، فتساويا في الشفعة ، كما لو اشترى أجنبي ، بل المشتري أولى ; لأنه قد ملك الشقص المشفوع . وما ذكرناه للقول الأول لا يصح ; لأن الضرر يحصل بشراء هذا السهم المشفوع ، من غير نظر إلى المشتري ، وقد حصل شراؤه .
والثاني لا يصح أيضا ; لأننا لا نقول إنه يأخذ من نفسه بالشفعة ، وإنما يمنع الشريك أن يأخذ قدر حقه بالشفعة ، فيبقى على ملكه ، ثم لا يمنع أن يستحق الإنسان على نفسه ، لأجل تعلق حق الغير به ، ألا ترى أن العبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده ، ثبت للسيد على عبده أرش الجناية ; لأجل تعلق حق المرتهن به ، ولو لم يكن رهنا ما تعلق به . إذا ثبت هذا ، فإن للشريك المشتري أخذ قدر نصيبه لا غير أو العفو .
وإن قال له المشتري : قد أسقطت شفعتي ، فخذ الكل ، أو اترك . لم يلزمه ذلك ولم يصح إسقاط المشتري ; لأن ملكه استقر على قدر حقه ، فجرى مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه . وكذلك إذا حضر أحد الشفيعين ، فأخذ جميع الشقص بالشفعة ، ثم حضر الآخر ، فله أخذ النصف من ذلك ، فإن قال الأول : خذ الكل أو دع ، فإني قد أسقطت شفعتي . لم يكن له ذلك .
فإن قيل : هذا تبعيض للصفقة على المشتري . قلنا : هذا التبعيض اقتضاه دخوله في العقد ، فصار كالرضى منه به ، كما قلنا في الشفيع الحاضر إذا أخذ جميع الشقص ، وكما لو اشترى شقصا وسيفا .