الثاني أن كشهر وسنة . ولا خلاف في هذا نعلمه ، لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه ، المعرفة له ، فوجب أن تكون معلومة ، كعدد المكيلات فيما بيع بالكيل . فإن قدر المدة بسنة مطلقة ، حمل على سنة الأهلة ; لأنها المعهودة في الشرع ، قال الله تعالى : { الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فوجب أن يحمل العقد عليه
فإن شرط هلالية كان تأكيدا ، وإن قال : عددية ، أو سنة بالأيام كان له ثلاثمائة وستون يوما ; لأن الشهر العددي يكون ثلاثين يوما . وإن استأجر سنة هلالية أول الهلال ، عد اثني عشر شهرا بالأهلة ، سواء كان الشهر تاما أو ناقصا ; لأن الشهر الهلالي ما بين الهلالين ، ينقص مرة ويزيد أخرى . وإن كان العقد في أثناء شهر ، عد ما بقي من الشهر ، وعد بعده أحد عشر شهرا بالهلال ، ثم كمل الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوما ; لأنه تعذر إتمامه بالهلال ، فتممناه بالعدد ، وأمكن استيفاء ما عداه بالهلال ، فوجب ذلك ; لأنه الأصل
وحكي عن رواية أخرى ، أنه يستوفي الجميع بالعدد ; لأنها مدة يستوفى بعضها بالعدد ، فوجب استيفاء جميعها به ، كما لو كانت المدة شهرا واحدا ، ولأن الشهر الأول ينبغي أن يكمل من الشهر الذي يليه ، فيحصل ابتداء [ ص: 252 ] الشهر الثاني في أثنائه ، فكذلك كل شهر يأتي بعده أحمد ولأبي حنيفة كالروايتين . وهكذا إن كان العقد على أشهر دون السنة وإن جعلا المدة سنة رومية أو شمسية أو فارسية أو قبطية ، وكانا يعلمان ذلك ، جاز ، وكان له ثلاثمائة وخمسة وستون يوما ، فإن الشهور الرومية منها سبعة أحد وثلاثون يوما ، وأربعة ثلاثون يوما ، وشهر واحد ثمانية وعشرون يوما ، وشهور والشافعي القبط كلها ثلاثون ثلاثون ، وزادوها خمسة أيام لتساوي سنتهم السنة الرومية . وإن كان أحدهما يجهل ذلك ، لم يصح ; لأن المدة مجهولة في حقه
وإن أجره إلى العيد ، انصرف إلى الذي يليه ، وتعلق بأول جزء منه ; لأنه جعله غاية ، فتنتهي مدة الإجارة بأوله . وقال : لا بد من تعيين العيد فطرا أو أضحى ، من هذه السنة أو سنة كذا . وكذلك الحكم إن علقه بشهر يقع اسمه على شهرين ، كجمادى وربيع ، يجب على قوله أن يذكر الأول أو الثاني ، من سنة كذا . وإن علقه بشهر مفرد ، كرجب وشعبان ، فلا بد أن يبينه من أي سنة . وإن علقه بيوم ، فلا بد على قوله أن يبينه من أي أسبوع القاضي
وإن علقه بعيد من أعياد الكفار ، صح إذا علماه ، وإلا لم يصح ، وقد مضى نحو من هذا .