( 4334 ) فصل : ، فلا يجوز إحياؤه ، بغير خلاف في المذهب . وكذلك ما تعلق بمصالح القرية ، كفنائها ، ومرعى ماشيتها ، ومحتطبها ، وطرقها ، ومسيل مائها ، لا يملك بالإحياء . ولا نعلم فيه أيضا خلافا بين أهل العلم . وكذلك وما قرب من العامر ، وتعلق بمصالحه ، من طرقه ، ومسيل مائه ، ومطرح قمامته ، وملقى ترابه وآلاته ; لقوله عليه السلام : { حريم البئر والنهر والعين ، وكل مملوك لا يجوز إحياء ما تعلق بمصالحه } . مفهومه أن ما تعلق به حق مسلم لا يملك بالإحياء ، ولأنه تابع للمملوك ، ولو جوزنا إحياءه ، لبطل الملك في العامر على أهله من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم ، فهي له
وذكر أن هذه المرافق لا يملكها المحيي بالإحياء ، لكن هو أحق بها من غيره ; لأن الإحياء الذي هو سبب الملك لم يوجد فيها . وقال القاضي : يملك بذلك . وهو ظاهر قول الشافعي في حريم البئر ; لأنه مكان استحقه بالإحياء ، فملكه ، كالمحيي ، ولأن معنى الملك موجود فيه ، لأنه يدخل مع الدار في البيع ، ويختص به صاحبها . فأما الخرقي ، ففيه روايتان إحداهما يجوز إحياؤه . قال ما قرب من العامر ، ولم يتعلق بمصالحه ، في رواية أحمد أبي الصقر ، في ، فليس لهما منعه رجلين أحييا قطعتين من موات ، وبقيت بينهما رقعة ، فجاء رجل ليحييها
وقال في . وهذا مذهب جبانة بين قريتين : من أحياها ، فهي له ; لعموم قوله عليه السلام : { الشافعي } { من أحيا أرضا ميتة فهي له بلال بن الحارث المزني العقيق ، وهو يعلم أنه بين عمارة المدينة } . ولأنه موات لم يتعلق به مصلحة العامر ، فجاز إحياؤه ، كالبعيد . والرواية الثانية ، لا يجوز إحياؤه . وبه قال . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ، أبو حنيفة ; لأنه في مظنة تعلق المصلحة به ، فإنه يحتمل أن يحتاج إلى فتح باب في حائطه إلى فنائه ، ويجعله طريقا ، أو يخرب حائطه ، فيضع آلات البناء في فنائه ، وغير ذلك ، ولم يجز تفويت ذلك عليه ، بخلاف البعيد والليث
إذا ثبت هذا ، فإنه لا حد يفصل بين القريب والبعيد سوى العرف . وقال : حده غلوة ، وهي خمس الفرسخ . وقال الليث : حد البعيد هو الذي إذا وقف الرجل في أدناه ، فصاح بأعلى صوته ، لم يسمع أدنى أهل المصر إليه . ولنا ، أن التحديد لا يعرف إلا بالتوقيف ، ولا يعرف بالرأي والتحكم ، ولم يرد من الشرع في ذلك تحديد ، فوجب أن يرجع في ذلك إلى العرف ، كالقبض والإحراز . وقول من حدد هذا تحكم بغير دليل ، وليس ذلك أولى من تحديده بشيء آخر ، كميل ونصف ميل ، ونحو ذلك . وهذا التحديد الذي ذكراه والله أعلم مختص بما قرب من المصر أو القرية ، ولا يجوز أن يكون حدا لكل ما قرب من عامر ، لأنه يفضي إلى أن من [ ص: 331 ] أحيا أرضا في موات ، حرم إحياء شيء من ذلك الموات على غيره ، ما لم يخرج عن ذلك الحد . أبو حنيفة
( 4335 ) فصل : وجميع البلاد فيما ذكرناه سواء ، المفتوح عنوة كأرض الشام والعراق ، وما أسلم أهله عليه كالمدينة ، وما صولح أهله على أن الأرض للمسلمين كأرض خيبر ، إلا الذي صولح أهله على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها ، فإن أصحابنا قالوا : لو دخل فيها مسلم ، فأحيا فيها مواتا ، لم يملكه ; لأنهم صولحوا في بلادهم ، فلا يجوز التعرض لشيء منها ، عامرا كان أو مواتا ، لأن الموات تابع للبلد ، فإذا لم يملك عليهم البلد لم يملك مواته . ويفارق دار الحرب ، حيث يملك مواتها ; لأن دار الحرب على أصل الإباحة ، وهذه صالحناهم على تركها لهم ، فحرمت علينا
ويحتمل أن يملكها من أحياها ; لعموم الخبر ، ولأنها من مباحات دارهم ، فجاز أن يملكها من وجد منه سبب تملكها ، كالحشيش والحطب . وقد روي عن ، أنه ليس في السواد موات . يعني سواد أحمد العراق . قال : هذا محمول على العامر . ويحتمل أن القاضي قال ذلك لكون السواد كان معمورا كله في زمن أحمد ، وحين أخذه المسلمون من الكفار ، حتى بلغنا أن رجلا منهم سأل أن يعطى خربة ، فلم يجدوا له خربة . فقال : إنما أردت أن أعلمكم كيف أخذتموها منا . وإذا لم يكن فيها موات حين ملكها المسلمون ، لم يصر فيها موات بعده ، لأن عمر بن الخطاب لم يصر مواتا ، على إحدى الروايتين . ما دثر من أملاك المسلمين