( 4364 ) فصل : ، فليس له ذلك ، سواء كان محتفر الثانية في ملكه ، مثل رجلين متجاورين في دارين ، حفر أحدهما في داره بئرا ، ثم حفر الآخر بئرا أعمق منها ، فسرى إليها ماء الأولى ، أو كانتا في موات ، فسبق أحدهما ، فحفر بئرا ، ثم جاء آخر فحفر قريبا منها بئرا تجتذب ماء الأولى . ووافق ومن كانت له بئر فيها ماء ، فحفر آخر قريبا منها بئرا ينسرق إليها ماء البئر الأولى في هذه الصورة الثانية ; لأنه ليس له أن يبتدئ ملكه على وجه يضر بالمالك قبله . وقال في الأولى : له ذلك ; لأنه تصرف مباح في ملكه ، فجاز له [ ص: 347 ] فعله ، كتعلية داره الشافعي
وهكذا الخلاف في ، مثل أن يجعل داره مدبغة ، أو حماما يضر بعقار جاره بحمي ناره ورماده ودخانه ، أو يحفر في أصل حائطه حشا يتأذى جاره برائحته وغيرها ، أو يجعل داره مخبزا في وسط العطارين ونحوه ، مما يؤذي جيرانه ، فلا يحل له ذلك . وقال كل ما يحدثه الجار مما يضر بجاره : له ذلك كله ، لأنه تصرف مباح في ملكه ، أشبه بناءه ونقضه . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الشافعي } . ولأنه إحداث ضرر بجاره ، فلم يجز ، كالدق الذي يهز الحيطان ويخربها ، وكإلقاء السماد والتراب ونحوه في أصل حائطه على وجه يضر به لا ضرر ولا ضرار
ولو كان لرجل مصنع ماء ، فأراد جاره غرس شجرة تين قريبا منه أو نحوها مما تسري عروقه فتشق حائط مصنع جاره ، ويتلفه ، لم يملك ذلك ، وكان لجاره منعه وقلعها إن غرسها . ولو كان هذا الذي يحصل منه الضرر سابقا ، مثل من له في ملكه مدبغة أو مقصرة ، فأحيا إنسان إلى جانبه مواتا ، وبناه دارا ، يتضرر بذلك ، لم يلزم إزالة الضرر ، بغير خلاف نعلمه ; لأنه لم يحدث ضررا . والله تعالى أعلم .