( 5557 ) فصل : فأما تعليم القرآن فاختلفت الرواية عن في جعله صداقا . أحمد
فقال في موضع : أكرهه ، وقال في موضع : لا بأس أن أو على نعلين وهذا مذهب يتزوج الرجل المرأة على أن يعلمها سورة من القرآن قال الشافعي أبو بكر : في المسألة قولان يعني روايتين .
قال واختياري أنه لا يجوز وهو مذهب ، مالك ، والليث ، وأبي حنيفة ، ومكحول وإسحاق واحتج من أجازه بما روى { سهل بن سعد الساعدي } متفق عليه ولأنها منفعة معينة مباحة ، فجاز جعلها صداقا كتعليم قصيدة من الشعر المباح . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت : إني وهبت نفسي لك فقامت طويلا فقال رجل : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال هل عندك من شيء تصدقها ؟ فقال ما عندي إلا إزاري فقال رسول الله إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئا قال لا أجد . قال التمس ولو خاتما من حديد . فالتمس فلم يجد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجتكها بما معك من القرآن
ووجه الراوية الأخرى أن الفروج لا تستباح إلا بالأموال لقوله تعالى { أن تبتغوا بأموالكم } وقوله تعالى { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات } والطول المال . وقد روي { } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا على سورة من القرآن ثم قال لا تكون لأحد بعدك مهرا النجاد بإسناده . ولأن تعليم القرآن لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله فلم يصح أن يكون صداقا ، كالصوم والصلاة وتعليم الإيمان . ولأن التعليم من المعلم ، والمتعلم مختلف ، ولا يكاد ينضبط فأشبه الشيء المجهول .
فأما حديث الموهوبة فقد قيل : معناه أنكحتكها بما معك من القرآن أي زوجتكها لأنك من أهل القرآن كما زوج على إسلامه فروى أبا طلحة بإسناده عن ابن عبد البر أن أنس أتى أبا طلحة أم سليم يخطبها قبل أن يسلم ، فقالت : أتزوج بك وأنت تعبد خشبة نحتها عبد بنى فلان ؟ إن أسلمت تزوجت بك . قال فأسلم ، فتزوجها على إسلامه وليس [ ص: 164 ] في الحديث الصحيح ذكر التعليم ويحتمل أن يكون خاصا لذلك الرجل ; بدليل ما رواه أبو طلحة النجاد ولا تفريع على هذه الرواية ، فأما على الأخرى فلا بد من تعيين ما يعلمها إياه ; إما سورة معينة أو سورا أو آيات بعينها ; لأن السور تختلف وكذلك الآيات ، فيه وجهان ، أحدهما يحتاج إلى ذلك ; لأن الأغراض تختلف والقراءات تختلف فمنها صعب كقراءة حمزة ، وسهل فأشبه تعيين الآيات . والثاني لا يفتقر إلى التعيين ; لأن هذا اختلاف يسير وكل حرف ينوب مناب صاحبه ويقوم مقامه ، ولذلك لم يعين النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة قراءة وقد كانوا يختلفون في القراءة أشد من اختلاف القراء اليوم فأشبه ما لو أصدقها قفيزا من صبرة وهل تحتاج إلى تعيين قراءة مرتبة ؟ في هذا وجهان كهذين . وللشافعي