( 5858 ) فصل : ، فالحكم فيه كالحكم فيما إذا أتى بها في حال الغضب ، على ما فيه من الخلاف والتفصيل . والوجه لذلك ما تقدم من التوجيه ، إلا أن المنصوص عن وإن أتى بالكناية في حال سؤال الطلاق هاهنا ، أنه لا يصدق في عدم النية ، قال ، في رواية أحمد أبي الحارث : إذا قال : لم أنوه . صدق في ذلك ، إذا لم تكن سألته الطلاق ، فإن كان بينهما غضب قبل ذلك فيفرق بين كونه جوابا للسؤال ، وكونه في حال الغضب ; وذلك لأن الجواب ينصرف إلى السؤال ، فلو قال : لي عندك دينار ؟ قال : نعم ، أو : صدقت . كان إقرارا به ، ولم يقبل منه تفسيره بغير الإقرار . ولو قال : زوجتك ابنتي أو بعتك ثوبي هذا . فقال : قبلت . صح وكفى ، ولم يحتج إلى زيادة عليه .
ولو أراد بالكناية حال الغضب ، أو سؤال الطلاق غير الطلاق ، لم يقع الطلاق ; لأنه لو أراده بالصريح لم يقع ، فبالكناية أولى . وإذا ادعى ذلك دين . وهل يقبل في الحكم ؟ فظاهر كلام ، في رواية أحمد أبي الحارث ، أنه يصدق إن كان في الغضب ، ولا يصدق إن كان جوابا لسؤال الطلاق . ونقل عنه في موضع آخر ، أنه إذا قال : أنت خلية ، أو بريئة ، أو بائن . ولم يكن بينهما ذكر طلاق ولا غضب ، صدق . فمفهومه أنه لا يصدق مع وجودهما .
وحكي هذا عن ، إلا في الأربعة المذكورة والصحيح أنه يصدق ; لما روى أبي حنيفة سعيد بإسناده أن رجلا خطب إلى قوم فقالوا : لا نزوجك حتى تطلق امرأتك . فقال : قد طلقت ثلاثا . فزوجوه ، ثم أمسك امرأته ، فقالوا : ألم تقل إنك طلقت ثلاثا ؟ قال : ألم تعلموا أني تزوجت فلانة وطلقتها ، ثم تزوجت فلانة وطلقتها ، ثم تزوجت فلانة وطلقتها ؟ فسئل عن ذلك ، فقال : له نيته . ولأنه أمر يعتبر نيته فيه ، فقبل قوله فيما يحتمله ، كما لو كرر لفظا ، وقال : أردت التوكيد . عثمان