الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6116 ) فصل : فإن قال : والله لا وطئت واحدة منكن . ونوى واحدة بعينها ، تعلقت يمينه بها وحدها ، وصار موليا منها دون غيرها . وإن نوى واحدة مبهمة منهن ، لم يصر موليا منهن في الحال ، فإذا وطئ ثلاثا ، كان موليا من الرابعة ، ويحتمل أن تخرج المولى منها بالقرعة ، كالطلاق إذا أوقعه في مبهمة من نسائه . وإن أطلق ، صار موليا منهن كلهن في الحال ; لأنه لا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بالحنث ، فإن طلق واحدة منهن ، أو ماتت ، كان موليا من البواقي .

                                                                                                                                            وإن وطئ واحدة منهن ، حنث وانحلت يمينه . وسقط حكم الإيلاء في الباقيات ; لأنها يمين واحدة ، فإذا حنث فيها مرة ، لم يحنث مرة ثانية . ولا يبقى حكم اليمين بعد حنثه فيها ، بخلاف ما إذا طلق واحدة أو ماتت ، فإنه لم يحنث ، فبقي حكم يمينه في من بقي منهن . وهذا مذهب الشافعي . وذكر القاضي ، أنه إذا أطلق ، كان الإيلاء في واحدة غير معينة . وهو اختيار بعض أصحاب الشافعي ; لأن لفظه تناول واحدة منكرة ، فلا يقتضي العموم . ولنا أن النكرة في سياق النفي تعم ، كقوله { : ما اتخذ صاحبة } . وقوله { : ولم يكن له كفوا أحد } . وقوله { : ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .

                                                                                                                                            ولو قال إنسان : والله لا شربت ماء من إداوة . حنث بالشرب من أي إداوة كانت ، فيجب حمل اللفظ عند الإطلاق على مقتضاه في العموم . وإن قال : نويت واحدة معينة ، أو واحدة مبهمة . قبل منه ; لأن اللفظ يحتمله احتمالا غير بعيد . وهذا مذهب الشافعي ، إلا أنه إذا أبهم المحلوف عليها ، فله أن يعينها بقوله . وأصل هذا مذكور في الطلاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية