( 8527 ) فصل : إذا ، فالقول قولهم مع أيمانهم ; لأن الأصل عدم القتل ، فإن أقام بينة بدعواه ، عتق ، وإن أقام الورثة بينة بموته ، قدمت بينة العبد ، في أحد الوجهين ; لأنها تشهد بزيادة ، وهي القتل . والثاني ، تتعارضان ; لأن إحداهما تشهد بضد ما شهدت به الأخرى ، فيبقى على الرق . وإن قال : إن مت في رمضان ، فعبدي سالم حر ، وإن مت في شوال فعبدي غانم حر . ثم مات ، فادعى كل واحد منهما موته في الشهر الذي يعتق بموته فيه وأنكرهما الورثة ، فالقول قولهم مع أيمانهم . قال السيد لعبده : إن قتلت فأنت حر . ثم مات ، فادعى العبد أنه قتل ، وأنكر الورثة
وإن أقروا لأحدهما ، عتق بإقرارهم . وإن أقام كل واحد منهما بينة بموجب عتقه ، ففيه ثلاثة أوجه ; أحدها ، تقدم بينة سالم ; لأن معها زيادة علم ، فإنها أثبتت ما يجوز أن يخفى على البينة الأخرى ، وهو موته في رمضان . والثاني ، يتعارضان ، ويبقى العبدان على الرق ; لأنهما سقطا ، فصارا ، كمن لا بينة لهما . والثالث ، يقرع بينهما ، فيعتق من تقع له القرعة ، وإن قال : إن برئت من مرضي هذا ، فسالم حر ، وإن مت منه ، فغانم حر ، فمات ، وادعى كل واحد منهما موجب عتقه ، أقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ، عتق ; لأنه لا يخلو من أن يكون برأ أو لم يبرأ ، فيعتق أحدهما على كل حال ، ولم تعلم عينه فيخرج بالقرعة ، كما لو أعتق أحدهما ، فأشكل علينا . ويحتمل أن يقدم قول غانم ; لأن الأصل عدم البرء .
وإن أقام كل واحد منهما بينة بموجب عتقه ، فقال أصحابنا : يتعارضان ، ويبقى العبدان على الرق . وهذا مذهب ; لأن كل واحدة منهما تكذب الأخرى ، وتثبت زيادة تنفيها الأخرى . ولا يصح هذا القول ; لأن للتعارض أثره في إسقاط البينتين ، ولو لم يكونا أصلا لعتق أحدهما ، فكذلك إذا سقطتا ، وذلك لأنه لا يخلو من إحدى الحالتين اللتين علق على كل واحدة منهما عتق أحدهما ، فيلزم وجوده ، كما لو قال : إن كان هذا الطائر غرابا ، فسالم حر . الشافعي
وإن لم يكن غرابا فغانم حر . ولم يعلم حاله ، ولكن يحتمل وجهين ; أحدهما ، أن يقرع بينهما ، كما في مسألة الطائر ; لأن البينتين إذا تعارضتا قدمت إحداهما بالقرعة ، في رواية . والثاني ، تقدم بينة سالم ; لأنها شهدت بزيادة ، وهي البرء . وإن أقر الورثة لأحدهم ، [ ص: 257 ] عتق بإقرارهم ، ولم يسقط حق الآخر مما ذكرنا ، إلا أن يشهد اثنان عدلان منهم بذلك ، مع انتفاء التهمة ، فيعتق وحده إذا لم تكن للآخر بينة .