1689 - مسألة : ، فإذا أدى شيئا من كتابته فقد شرع فيه العتق ، والحرية بقدر ما أدى ، وبقي سائره مملوكا ، وكان لما عتق منه حكم الحرية في الحدود ، والمواريث ، والديات وغير ذلك وكان لما بقي منه حكم العبيد في الديات ، والمواريث ، والحدود ، وغير ذلك وهكذا أبدا حتى يتم عتقه بتمام أدائه . لما روينا من طريق والمكاتب عبد ما لم يؤد شيئا أحمد بن شعيب نا محمد بن عيسى الدمشقي نا نا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة ، قتادة ، قال وأيوب السختياني : عن قتادة عن خلاس بن عمرو ، وقال علي بن أبي طالب أيوب : عن عكرمة عن ، كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال { ابن عباس } . ومن طريق : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ، ويقام عليه الحد بقدر ما أعتق منه ، ويرث بقدر ما أعتق منه أبي داود نا نا عثمان بن أبي شيبة نا يعلى بن عبيد الطنافسي حجاج الصواف - هو ابن أبي عثمان - عن عن يحيى بن أبي كثير عكرمة عن قال : [ ص: 227 ] { ابن عباس } . ومن طريق قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المكاتب يقتل يودي ما أدى من مكاتبته دية الحر ، ومما بقي دية المملوك أحمد بن شعيب النسائي نا سليمان بن سلم البلخي ، وعبيد الله بن سعيد قال سليمان : نا ، وقال النضر بن شميل عبيد الله : نا معاذ بن هشام الدستوائي ، ثم اتفق ، معاذ والنضر ، كلاهما يقول : نا عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عكرمة عن " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : { ابن عباس } . يودي المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر وبقدر ما رق منه دية العبد
ومن طريق أحمد بن شعيب نا محمد بن عبد الله بن المبارك نا أبو هشام - هو المغيرة بن سلمة المخزومي - نا عن وهيب بن خالد أيوب عن عكرمة عن عن النبي عليه السلام قال : { علي بن أبي طالب } وهذا أثر صحيح لا يضره قول من قال : إنه أخطأ فيه ، بل هو الذي أخطأ ; لأنه من رواية الثقات الأثبات . يودي المكاتب بقدر ما أدى
ومن عجائب الدنيا عيب الحنفيين ، والمالكيين ، والشافعيين له بأن حماد بن زيد أرسله عن أيوب عن عكرمة ، وأن ابن علية رواه عن أيوب عن عكرمة عن أنه قال : يودي المكاتب بقدر ما أدى - فأوقفه على علي . قال علي : أليس هذا من عجائب الدنيا يكون الحنفيون ، والمالكيون عند كل كلمة يقولون : المرسل كالمسند ، ولا فرق ، فإذا وجدوا مسندا يخالف هوى أبو محمد ، ورأي أبي حنيفة : جعلوا إرسال من أرسله عيبا يسقط به إسناد من أسنده ، ويكون الشافعيون لا يختلفون في أن المسند لا يضره إرسال من أرسله ، فإذا وجدوا ما يخالف رأي صاحبهم كان ذلك يضر أشد الضرر ، أيرون الله غافلا عن هذا العمل في الدين ؟ وقد أسنده مالك ، حماد بن سلمة ، ووهيب بن خالد ، ويحيى بن أبي كثير عن وقتادة خلاس عن ، وما منهم أحد إن لم يكن فوق علي حماد لم يكن دونه ؟ فكيف وقد أسنده حماد بن زيد كما روينا من طريق أحمد بن شعيب نا [ ص: 228 ] القاسم بن زكريا نا نا سعيد بن عمرو حماد بن زيد عن أيوب ; ، كلاهما عن ويحيى بن أبي كثير عكرمة عن : { ابن عباس } . وأما ما ذكروه من إيقاف أن مكاتبا قتل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر عليه الصلاة والسلام أن يودي ما أدى دية الحر وما لا دية المملوك ابن علية له على فهو قوة للخبر ; لأنه فتيا من علي بما روى ، وليت شعري من أين وقع لمن وقع أن العدل إذا أسند الخبر عن مثله ، وأوقفه آخر ، أو أرسله آخر : أن ذلك علة في الحديث - وهذا لا يوجبه نص ولا نظر ولا معقول ، والبرهان قد صح بوجوب الطاعة للمسند دون شرط ، فبطل ما عدا هذا - ولله تعالى الحمد . وقالوا : قد رويتم من طريق علي أحمد بن شعيب نا حميد بن مسعدة نا سفيان عن خالد - هو الحذاء - عن عكرمة عن في المكاتب إذا أدى النصف فهو غريم . ومن طريق علي بن أبي طالب نا ابن أبي شيبة عن وكيع علي بن المبارك عن عن يحيى بن أبي كثير عكرمة عن حد المكاتب حد المملوك ، وهذا ترك منهما لما رويا . قال ابن عباس : فقلنا : هبك أنهما تركا ما رويا ، فكان ماذا ؟ إنما الحجة فيما رويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا في قولهما . وقد أفردنا جزءا ضخما لما تناقضوا فيه من هذا الباب ، وأيضا : فإن كان هذا الاختلاف يوجب عندهم الوهن فيما رويا ، فانفصلوا ممن عكس ذلك ، فقال : بل ذلك يوجب الوهن فيما روي عنهما مما هو خلاف لما رويا وحاشا لهما من ذلك . قال أبو محمد : فكيف وقد يتأول الراوي فيما روى وقد ينساه ؟ فكيف وليس فيما ذكرنا عن علي ، علي خلاف لما روياه . أما قول وابن عباس : إذا أدى النصف فهو غريم ، فليس مخالفا للمشهور عنه من توريث من بعضه حر بما فيه من الحرية دون ما فيه من الرق - ولا لما روي من حكم المكاتب ، لأنه لم يقل فيه : ليس باقيه عبدا ، ولا قال فيه : ليس ما قابل ما أدى حرا ، لكن أخبر : أنه لا يعجز ، لكن يتبع بباقي الكتابة فقط ، فلا خلاف في هذا لما روى . علي
[ ص: 229 ] وأما قول : حد المكاتب حد مملوك ، فإنما يحمل على أنه أراد ما لم يؤد شيئا من كتابته ، وما قابل منه ، إذا أدى البعض ما لم يؤد - فهذا صحيح ، وبه نقول ، فبطل هذرهم ، ودعواهم الكاذبة : أنهما رضي الله عنهما خالفا ما رويا ، وبطل أن يكون لهم كدح في الخبر . وهذا مكان اختلف الناس فيه - فروي عن ابن عباس ، عمر بن الخطاب ، وعثمان ، وأمهات المؤمنين : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم - ولا يصح عن أحد منهم ، لأنه عن وجابر من طريق عمر - وهو هالك - عن الحجاج بن أرطاة مرسل . ومن طريق ابن أبي مليكة محمد بن عبيد الله العرزمي - وهو مثله أو دونه - ثم عن : أن سعيد بن المسيب مرسل . ومن طريق عمر سليمان التيمي : أن . ومن طريق عمر عن رجال من أهل العلم عن ابن وهب عمر ، وعثمان ، والتي عن أمهات المؤمنين : هو من طريق وجابر بن عبد الله عمر بن قيس بن سندل - وهو ضعيف . وهو عن من طريق أم سلمة أم المؤمنين - وهو ضعيف لكنه صح عن أبي معشر المدني ، زيد بن ثابت وعائشة أم المؤمنين ، - وهو مأثور عن طائفة من التابعين ، منهم : وابن عمر ، عروة بن الزبير ، وصح عن وسليمان بن يسار ، سعيد بن المسيب والزهري ، . وهو قول وقتادة ، أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي والأوزاعي ، ، وسفيان الثوري ، وابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، وأحمد وإسحاق ، ، وأبي ثور . وقالت طائفة : المكاتبون على شروطهم : صح ذلك عن وأبي سليمان . وقالت طائفة : هو حر ساعة العقد بالكتابة . وهو قول روي عن جابر بن عبد الله ولم نجد له إسنادا إليه . ابن عباس
وقالت طائفة : إذا أدى نصف مكاتبته فهو غريم . روينا ذلك من طريق عن عبد الرزاق عن معمر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود : أن جابر بن سمرة قال : إذا أدى المكاتب الشطر فهو غريم . عمر بن الخطاب
[ ص: 230 ] ومن طريق عن سفيان بن عيينة عبد الرحمن بهذا الإسناد نفسه ، قال : إذا أدى الشطر فلا رق عليه . وقد ذكرنا في هذه المسألة نفسها قول عمر بمثل ذلك وهما إسنادان جيدان . وصح عن علي : إذا أدى المكاتب النصف فلا رق عليه وهو غريم . رويناه من طريق شريح عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي عن . وقالت طائفة : إذا أدى المكاتب الثلث فهو غريم - : روينا ذلك من طريق شريح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن الأعمش إبراهيم النخعي عن . إذا أدى المكاتب ثلث كتابته فهو غريم . وقالت طائفة : إذا أدى الربع فهو غريم . روينا من طريق ابن مسعود عن وكيع سفيان عن منصور عن كان يقال : إذا أدى المكاتب الربع فهو غريم . وقالت طائفة : إذا أدى ثلاثة أرباع الكتابة فهو غريم - : روينا ذلك من طريق إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن جريج من رأيه قال : ولم يبلغني عن أحد . عطاء
وقالت طائفة : إذا أدى قيمته فهو غريم . روينا ذلك من طريق عن حماد بن سلمة عن قتادة الحسن أن قاله . ومن طريق ابن مسعود عن سفيان بن عيينة قال : قال لي إسماعيل بن أبي خالد الشعبي : قول مثل قول شريح : إذا أدى المكاتب قيمته فهو غريم من الغرماء . قال ابن مسعود : هذا إسناد جيد ; لأن أبو محمد الشعبي صحب ، شريحا صحب وشريح ، وليس هذا مخالفا لما روي من هذه الطريق نفسها ، إذا أدى نصف الكتابة فهو غريم ; لأنه قد يمكن أن القولين معا ، ولا يتمانعان ، وهو أن يكون يرى إن أدى الأقل من قيمته ، أو من نصف الكتابة فهو غريم ، أيهما أدى فهو غريم . ابن مسعود
ومن طريق عن شعبة المغيرة بن مقسم عن : إذا أدى المكاتب ثمن رقبته فليس لهم أن يسترقوه . وقالت طائفة كما روينا من طريق النخعي عن عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار ، قال : قال يحيى بن أبي كثير إذا بقي على المكاتب خمس أواق أو خمس ذود أو [ ص: 231 ] خمسة أوسق فهو غريم - وهذا لا يصح ; لأنه منقطع ، ابن عباس ضعيف . وقالت طائفة بمثل قولنا . روينا من طريق وعكرمة بن عمار أحمد بن شعيب نا نا زكريا بن إسحاق عن إسماعيل ابن علية عن أيوب السختياني عكرمة عن يؤدي المكاتب بقدر ما أدى . علي
ومن طريق نا محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي ، قال : قال في المكاتب : يعتق بالحساب . ومن طريق علي بن أبي طالب نا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عكرمة عن ، قال : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى . ومن طريق علي نا وكيع المسعودي عن عن الحكم بن عتيبة ، قال : تجزي العتاقة في المكاتب من أول نجم . قال علي بن أبي طالب : وجميع هذه الأقوال لا نعلم لشيء منها حجة ، إلا أنها كلها على كل حال إن لم تكن أقوى من تحديد أبو محمد ما أباح لذات الزوج الصدقة به ، وما أسقط من الجائحة ، وما لم يسقط . ومن تحديد مالك ما تبطل به الصلاة مما ينكشف من رأس الحرة ، أو من بطنها ، أو من فخذها من ربع كل ذلك . ومن الشروط الفاسدة التي يحتجون لها " المسلمون عند شروطهم " فليست أضعف ، بل لهذه مزية ; لأن أكثرها من أقوال الصحابة رضي الله عنهم ، إلا أن من قال : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ، فاحتجوا بما روينا من طريق أبي حنيفة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم { عمرو بن شعيب } . ومن طريق المكاتب عبد ما بقي عليه درهم عبد الباقي بن قانع - راوي الكذب - عن موسى بن زكريا عن [ ص: 232 ] عن عباس بن محمد عن أحمد بن يونس عن هشيم جعفر بن إياس عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } . وهذا خبر موضوع بلا شك ، لم يعرف قط من حديث : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ، ولا من عباس بن محمد ، ولا من حديث أحمد بن يونس ، ولا من حديث هشيم جعفر ، ولا من حديث ، ولا من حديث نافع ، إنما هو معروف من قول ابن عمر ، وأحاديث هؤلاء كلهم أشهر من الشمس ، ولا ندري من ابن عمر موسى بن زكريا أيضا . وأما حديث فصحيفة ، على أنه مضطرب فيه . قد روينا من طريق عمرو بن شعيب أبي داود نا حدثني محمد بن المثنى عبد الصمد - هو ابن عبد الوارث - نا - نا همام - هو ابن يحيى عباس الجريري عن عن أبيه عن جده " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عمرو بن شعيب } . أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد ، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد
ومن طريق عن ابن جريج عن عطاء الخراساني : من كاتب مكاتبا على مائة درهم فقضاها إلا عشرة دراهم فهو عبد ، أو على مائة أوقية فقضاها إلا أوقية فهو عبد . عبد الله بن عمرو بن العاص - لم يسمع من عطاء هذا - الخراساني شيئا ، ولا من أحد من الصحابة ، إلا من عبد الله بن عمرو بن العاص وحده . والعجب كله ممن يعلل خبر أنس ، علي - وهو في غاية الصحة - بأنه اضطرب فيه - وقد كذب - ثم يحتج بهذه العورة ، وقد اضطرب فيها كما ترى وابن عباس
فإن قالوا : هو قول أم المؤمنين عائشة ، وما كان الله تعالى ليهتك ستر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخول من لا يحل دخوله على أزواجه ؟ قلنا : صدقتم ، وإنما حرم الله تعالى عليهن دخول الأحرار عليهن فقط ، والمكاتب ما لم يؤد شيئا فهو عبد ، وما دام يبقى عليه فلس فليس حرا ، لكن بعضه حر وبعضه عبد ، ولم ينهين قط عمن هذه صفته .
[ ص: 233 ] فإن قيل : هو قول الجمهور ؟ قلنا : فكان ماذا ؟ وكم قصة خالفتم فيها الجمهور ؟ نعم ، وأتيتم بقول لا يعرف أحد قاله قبل من قلدتموه دينكم . وهذا خالف جمهور العلماء في بطلان الصلاة بترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد الأخير ، وفي تحديد القلتين ، وفي تنجيس الماء بما يموت فيه من الذباب ، وفي نجاسة الشعر ، وفي أزيد من مائة قضية . وهذا الشافعي خالف في زكاة البقر جمهور العلماء . وخالف في قوله : إن الخلطة لا تغير الزكاة جمهور العلماء . وخالف في وضعه في الذهب أوقاصا جمهور العلماء - وفي أزيد من ألف قضية . أبو حنيفة
وهذا خالف في إيجاب الزكاة في السائمة جمهور العلماء . وفي الحامل ، والمرضع تفطران ، وفي أن العمرة تطوع - وفي مئين من القضايا ، فالآن صار أكثر من روي عنه - ولا يبلغون عشرة حجة لا يجوز خلافها ، وقد خالفهم غيرهم من نظرائهم . وكم قصة خالفوا فيها رواية مالك عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم كحديثه { عمرو بن شعيب } وأن الدية على أهل البقر مائتا بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفا شاة ، وفي إحراق رحل الغال وغير ذلك - وهذا لعب وعبث في الدين . لا يجوز لامرأة أمر في مالها ، ولا عطية ، إذا ملك زوجها عصمتها
فإن قالوا : قد صح أن المكاتب كان عبدا فهو كذلك ؟ فقلنا : نعم ، ما لم يأت نص بخلاف هذا فيوقف عنده ، وقد صح النص بخلاف هذا ، وبشروع الحرية فيه .
واحتج أصحابنا ببيع بريرة - وهي مكاتبة ؟ فقلنا : نعم ، ولم تكن أدت من كتابتها شيئا ، هكذا في الحديث وبهذا نقول ، فبطل قولهم وصح قولنا - والحمد لله رب العالمين كثيرا .