ومن طريق نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال : تجوز شهادة النساء مع الرجال في كل شيء - وتجوز على الزنى امرأتان وثلاثة رجال . عطاء بن أبي رباح
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية عن عبد الله بن عون : أن رجلا ادعى متاع البيت ، فجاء أربع نسوة يشهدن فقلن : دفعنا إليه الصداق وقلنا : جهزها ؟ فقضى محمد بن سيرين عليه بالمتاع وقال له : إن عقرها من مالك - هذا في غاية الصحة . شريح
وأما المتأخرون : فإن قال في أحد قوليه : تقبل المرأتان مع رجل في القصاص ، وفي الطلاق ، والنكاح ، وكل شيء - حاش الحدود - ويقبلن منفردات فيما لا يطلع عليه إلا النساء . [ ص: 481 ] سفيان الثوري
وقال ، عثمان البتي في أحد قوليه : يقبلن مع رجل في الطلاق ، والنكاح ، وكل شيء - حاش الحدود والقصاص - ويقبلن منفردات فيما لا يطلع عليه إلا النساء ، ولا يقبل في الرضاع إلا رجل وامرأتان . وسفيان
وقال : لا تجوز الحسن بن حي ، وتصدق المرأة وحدها في الولادة : أنها ولدت هذا الولد ، ويلحق نسبه - وإن لم يشهد لها بذلك أحد سواها . شهادة النساء مع رجل في الحدود
وقال : يقبلن منفردات في عيوب النساء ، وما لا يطلع عليه إلا النساء ، ولا يقبل في الرضاع إلا رجل وامرأتان أو رجلان . ابن أبي ليلى
وقال : يقبلن منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال ، ولا يقبلن مع رجل : لا في قصاص ، ولا حد ، ولا طلاق ، ولا نكاح - وتجوز شهادة امرأتين ورجل في العتق والوصية . الليث بن سعد
وقال : تقبل شهادة امرأتين ، ورجل في جميع الأحكام أولها عن آخرها ، حاش القصاص والحدود - ويقبلن في الطلاق والنكاح والرجعة مع رجل - ولا يقبلن منفردات : لا في الرضاع ، ولا في انقضاء العدة بالولادة ، ولا في الاستهلال لكن مع رجل - ويقبلن في الولادة المطلقة ، وعيوب النساء منفردات . أبو حنيفة
قال ، أبو يوسف : ويقبلن منفردات في انقضاء العدة بالولادة ، وفي الاستهلال . ومحمد بن الحسن
وقال : لا تقبل النساء مع رجل ولا دونه : في قصاص ، ولا حد ، ولا طلاق ، ولا نكاح ، ولا رجعة ، ولا عتق ، ولا نسب ، ولا ولاء ، ولا إحصان . مالك
وتجوز - ويقبلن منفردات : في عيوب النساء ، والولادة ، والرضاع والاستهلال - وحيث يقبل شاهد ويمين الطالب ، فإنه يقضى فيه بشهادة امرأتين ويمين الطالب ، ويقضى بامرأتين مع أيمان المدعي في القسامة . شهادتهن مع رجل في الديون ، والأموال ، والوكالة ، والوصية التي لا عتق فيها
وقال : تقبل الشافعي ، وفي العتق ; لأنه [ ص: 482 ] مال ، وفي قتل الخطأ ، وفي الوصية لإنسان بمال - ولا يقبلن في أصل الوصية لا مع رجل ولا دونه - ويقبلن منفردات فيما لا يطلع عليه إلا النساء . شهادة امرأتين مع رجل في الأموال كلها
وقال : لا تقبل النساء مع رجل إلا في الأموال خاصة . أبو عبيد
وقال : لا يقبلن مع رجل إلا في الأموال خاصة . أبو سليمان
وأما اختلافهم في عدد ما يقبل منهن حيث يقبلن منفردات .
فروينا عن كما ذكرنا أن مكان كل شاهد رجل امرأتان فلا يقبل فيما يقبل فيه رجلان إلا أربع نسوة . عمر بن الخطاب
وعن مثل ذلك - وهو قول علي بن أبي طالب الشعبي ، في أحد قوليهما ، والنخعي ، وعطاء في قوله جملة ، وقتادة ، وابن شبرمة ، وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، إلا أنهم قالوا : تقبل في الرضاع امرأة واحدة . وأبي سليمان
وقال : لا يقبل فيما يقبل فيه النساء منفردات إلا ثلاث نسوة لا أقل . عثمان البتي
وقالت طائفة : تقبل امرأتان في كل ما يقبل فيه النساء منفردات - وهو قول الزهري إلا في الاستهلال خاصة ، فإنه يقبل فيه القابلة وحدها .
وقال الحكم بن عتيبة : يقبل في ذلك كله امرأتان - وهو قول ابن أبي ليلى وأصحابه ، ومالك - وقالت طائفة : تقبل امرأة واحدة . وأبي عبيد
روينا عن رضي الله عنه : أنه أجاز علي بن أبي طالب وروينا ذلك عن شهادة القابلة وحدها ، أبي بكر رضي الله عنهما في الاستهلال ، وأن وعمر ورث بذلك - وهو قول عمر الزهري ، ، والنخعي والشعبي في أحد قوليهما - وهو قول ، الحسن البصري ، وشريح ، وأبي الزناد ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وربيعة وحماد بن أبي سليمان
- قال : وإن كانت يهودية كل ذلك قالوه في الاستهلال ، إلا الشعبي ، وحمادا فقالا : في كل ما لا يطلع عليه إلا النساء - وهو قول . الليث بن سعد
وقال : يقبل في عيوب النساء ، وما لا يطلع عليه إلا النساء امرأة واحدة - وهو قول سفيان الثوري ، وأصحابه - وصح عن أبي حنيفة ، وروي عن ابن عباس ، [ ص: 483 ] عثمان - أميري المؤمنين - وعلي ، وابن عمر ، والحسن البصري والزهري - وروي عن ، ربيعة ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد ، والنخعي ، وشريح ، وطاوس والشعبي : . الحكم في الرضاع بشهادة امرأة واحدة
وأن فرق بشهادتهما بين الرجال ونسائهم - وذكر عثمان الزهري أن الناس على ذلك - وذكر الشعبي ذلك عن القضاء جملة - وروي عن أنها تستحلف مع ذلك . ابن عباس
وصح عن : أنه قضى في دار بشهادة معاوية - رضي الله عنها - ولم يشهد بذلك غيرها . أم سلمة أم المؤمنين
وروينا عن ، عمر ، وعلي ، والمغيرة بن شعبة : أنهم لم يفرقوا بشهادة امرأة واحدة في الرضاع - وهو قول وابن عباس ، قال : أفتي في ذلك بالفرقة - ولا أقضي بها . أبي عبيد
وروينا عن : أنه قال : لو فتحنا هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين رجل وامرأته إلا فعلت . عمر
وقال الأوزاعي : أقضي بشهادة امرأة واحدة ، قبل النكاح ، وأمنع من النكاح ، ولا أفرق بشهادتهما بعد النكاح .
قال : فكان من حجة من لم ير قبول النساء منفردات ، ولا قبول امرأة مع رجل إلا في الديون المؤجلة فقط ، أن قالوا : أمر الله تعالى في الزنى بقبول أربعة ، وفي الديون المؤجلة برجلين ، أو رجل وامرأتين ، وفي الوصية في السفر باثنين من المسلمين ، أو باثنين من غير المسلمين يحلفان مع شهادتهما ، وفي الطلاق والرجعة بذوي عدل منا . أبو محمد
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التداعي في أرض { } فلم يذكر الله تعالى ولا رسوله - عليه الصلاة والسلام - عدد الشهود وصفتهم إلا [ ص: 484 ] في هذه النصوص فقط ، فوجب الوقوف عندها ، وأن لا تتعدى ، وأن لا يقبل فيما عدا ذلك إلا ما اتفق المسلمون على قبوله . شاهداك أو يمينه ، ليس لك إلا ذلك
قال : ما نعلم أحدا ممن يخالفنا اتبع في أقواله في الشهادات النصوص الثابتة من القرآن ، ولا من السنن ، ولا من الإجماع ، ولا من القياس ، ولا من الاحتياط ، ولا من قول الصحابة - رضي الله عنهم - فكل أقوال كانت هكذا فهي متخاذلة متناقضة باطل ، لا يحل القول بها في دين الله تعالى ، ولا يجوز الحكم بها ، في دماء المسلمين ، وفروجهم ، وأبشارهم ، وأموالهم ، وذلك أننا هبك أمسكنا الآن عن الاعتراض على احتجاجهم بالنصوص المذكورة ، لكن لنريهم - بحول الله تعالى وقوته - مخالفتهم لها جهارا - : أما أبو محمد : فأجاز شهادة النساء في النكاح ، والطلاق ، والرجعة مع رجل ، وليس هذا في شيء من الآيات ، بل فيها : { أبو حنيفة فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم } .
فمن أعجب شأنا ممن يرى خبر اليمين مع الشاهد خلافا لقول الله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } ولا يرى قوله بإجازة امرأتين مع رجل خلافا لقوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } .
فإن قالوا : إن امرأة عدلة ورجلا عدلا يقع عليهما ذوي عدل منا ؟ قلنا : وشهادة ثلاثة رجال وامرأتين في الزنى يقع عليهم وعلى واحدة منهما أربعة شهداء ولا فرق .
ثم قبلوا شهادة امرأة واحدة حيث تقبل النساء منفردات ولم يقبلوها في الرضاع حيث جاءت السنة بقبولها - وبه قال جمهور السلف .
فإن قالوا : قسنا ذلك على الديون المؤجلة [ ص: 485 ]
قلنا : فقيسوا الحدود في ذلك والقصاص على الديون المؤجلة ولا فرق فإن ادعوا إجماعا على أن لا يقبلن في الحدود أكذبهم . عطاء
فإن قالوا : خالف جمهور العلماء : قلنا : وأنتم خالفتم في أن لا يقبلن النساء منفردات في الرضاع جمهور العلماء .
وأما : فقاس بعض الأموال على الديون المؤجلة ولم يقس عليها العتق - وقبل امرأتين لا رجل معهما مع يمين الطالب في الأموال والقسامة - وما نعلم له سلفا في هذا روي عنه هذا القول . مالك
وخالف جمهور العلماء في رد شهادة امرأة واحدة في الاستهلال .
وفي قبول امرأتين تقبل النساء منفردات .
وأما : فقاس الأموال على الديون المؤجلة ؟ فيقال له : هلا قست سائر الأحكام على ذلك ؟ وما الفرق بين من قال : أقيس على ذلك كل حكم ، لأنه حكم وحكم ، وبين قولك أقيس على ذلك الأموال كلها ; لأنه مال ومال ، وهل هاهنا إلا التحكم ؟ فهذا خلافهم للنصوص ، وللقياس ، ولقول السلف ، وليس منهم أحد راعى الإجماع ; لأننا قد ذكرنا عن الشافعي أنه لا يقبل النساء منفردات في شيء من الأشياء . زفر