. ص ( والنبي والكعبة )
ش : قال في التوضيح في قول واليمين بغير ذلك مكروه ، وقيل : حرام أي بغير اليمين بالله وصفاته ابن الحاجب والأظهر من القولين التحريم لحديث الموطإ والصحيحين عن كالحلف بالكعبة والنبي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عمر } وفي الموطإ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم : { ومسلم } وأيضا يدخل في كلام فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت المصنف ، وقد نصوا على تأديب الحالف بهما ، ولا يكون الأدب في المكروه إلا أن يقال إطلاق الأيمان عليهما مجاز ألا ترى إلى حروف القسم لا تدخل عليهما ، انتهى . اليمين بالطلاق والعتاق
وقال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم : { القرطبي } إنما نهى عن ذلك لأن فيه تعظيم غير الله بمثل ما يعظم به الله ، وذلك ممنوع ، وهذا جار في كل محلوف به غيره تعالى ، وإنما ذكر الآباء لأنه السبب الذي أثار الحديث حين سمع إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم يحلف بأبيه ، ويشهد له قوله : من كان حالفا فليحلف بالله ، فظاهر النهي التحريم فيتحقق فيما إذا حلف بملة غير الإسلام أو بشيء من المعبودات دون الله أو ما كانت الجاهلية تحلف به كالدماء والأنصاب فهذا لا يشك في تحريمه ، وأما عمر وما شاكل ذلك فظاهر هذا الحديث تناولهم بحكم عمومه ، ولا ينبغي أن يختلف في تحريمه ، وأما ما كان معظما في الشرع مثل النبي الحلف بالآباء والأشراف ورءوس السلاطين وحياتهم ونعمتهم والكعبة والعرش والكرسي وحرمة الصالحين فأصحابنا يطلقون على الحلف بها الكراهة ، وظاهر الحديث وما قدمناه من النظر في المعنى يقتضي التحريم ، انتهى .
وتقدم في التوضيح أن الأظهر من القولين التحريم ، وقال في الشامل : هو المشهور ، وقال ابن ناجي : واختلف في فقيل : ممنوع قاله اليمين بما هو مخلوق اللخمي ، ونحوه قول ابن بشير أنه حرام ، وقيل : مكروه قاله ابن رشد وصرح الفاكهاني بأن المشهور الكراهة ، وهذا إذا كان الحالف بهذه الأشياء المعظمة صادقا ، وأما إن حلف بها كاذبا ، فلا شك في التحريم ; لأنه كذب والكذب محرم واستهزاء بالمحلوف به المعظم في الشرع ، بل ربما كان كفرا والعياذ بالله إن كان في حق النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه والله أعلم ، وقال في الذخيرة : قاعدة ثلاثة أقسام : واجب إجماعا كتوحيده بالعبادة والخلق والأرزاق فيجب على كل أحد أن لا يشرك معه تعالى غيره في ذلك ، وما ليس بواجب إجماعا كتوحيده بالوجود والعلم ونحوهما فيجوز أن يتصف بذلك غيره إجماعا ويختلف فيه كالحلف به تعالى فإنه تعظيم له ، واختلف العلماء هل يجوز أن يشرك فيه معه غيره أم لا ، وإذا قلنا بالمنع فهل يمتنع أن يقسم على الله ببعض مخلوقاته فإن القسم بها تعظيم لها نحو قولك : بحق محمد اغفر لنا ونحوه ، وقد حصل فيه توقف عند بعض العلماء ورجح عنده التسوية ، انتهى . وفيه نظر لأن المحذور إنما هو التعظيم بالحلف لورود النهي عن الحلف بذلك ، وأما التعظيم بغير الحلف فليس بمحذور ، فإن الله لم يمنعنا أن نعظم بعض عباده بل أمرنا [ ص: 265 ] بذلك وأوجبه علينا في حق رسله وملائكته وأصحاب نبيه وأوليائه ، وقد ورد في صحيح توحيد الله تعالى بالتعظيم في فضل البخاري رضي الله عنه عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أنس رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى عمر بن الخطاب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا بالعباس بن عبد المطلب محمد صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون ، انتهى . وفعل سيدنا لذلك إنما كان بمحضر الصحابة ولم ينكره أحد فدل على جوازه والله أعلم . عمر
( تنبيه ) قال القرافي في الذخيرة إثر كلامه السابق ، ولا يشكل على القول بالمنع قسمه تعالى ببعض مخلوقاته كقوله تعالى : والتين والزيتون ، والسماء ، والشمس وغير ذلك ; لأن من العلماء من قال تقديره : أقسم برب الزيتون ، وقيل : أقسم بها لينبه عباده على عظمتها عنده فيعظمونها ، ولا يلزم من الحجر علينا الحجر عليه ، بل هو الملك المالك على الإطلاق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، انتهى . وقال قبله سؤال قال عليه السلام في حديث الأعرابي للسائل عما يجب عليه أفلح وأبيه إن صدق ، فقد حلف عليه السلام بمخلوق جوابه أنه منع الصحة في هذه اللفظة فإنها ليست في الموطإ وأنه منسوخ بالحديث المتقدم ذكره صاحب الاستذكار ، وأما بأن هذا خرج مخرج توطئة الكلام لا الحلف نحو قولهم قاتله الله ما أكرمه ، وقوله عليه السلام رضي الله عنها تربت يداك خرج عن الدعاء إلى توطئة الكلام ، انتهى . لعائشة