( تنبيه ) حيث استطرد الكلام إلى ذكر ما أحدثه المؤذنون فلنختم ذلك بفروع ثلاثة لا بأس بالتنبيه عليها .
( أحدها ) ، قال في المدخل في الفصل الذي تكلم فيه على تسمين النساء : ومما أحدثوه من البدع ما يفعله بعضهم من أنهم يتركون تنظيف البيت وكنسه عقب سفر من سافر من أهله ، ويتشاءمون بفعل ذلك بعد خروجه ، ويقولون إن ذلك فعل لا يرجع المسافر ، وكذلك ما يفعلونه حين خروجهم معه إلى توديعه فيؤذنون مرتين أو ثلاثا ، ويزعمون أن ذلك يرده إليهم ، وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ، ومن العوائد التي أحدثت بعدها فإن قيل : قد توجد هذه الأشياء كما يذكر الناس ، فالجواب أن ذلك إنما وقع لأجل شؤم مخالفة السنة والتدين بالبدعة فعوملوا بالضرر الذي يتوقعونه وقد شاء الحكيم سبحانه وتعالى أن المكروهات لا تندفع إلا بالامتثال انتهى . وقال الأذان خلف المسافر الناشري من الشافعية في الإيضاح يستحب الأذان لمزدحم الجن ، وفي أذن الحزين والصبي عندما يولد في اليمين ، ويقيم في اليسرى ، والأذان خلف المسافر والإقامة ، وفي فتاوى الأصبحي ، هل ورد في الأذان والإقامة عند إدخال الميت القبر خبر ؟ فالجواب : لا أعلم فيه ورود خبر ولا أثر إلا ما يحكى عن بعض المتأخرين ، ولعله مقيس على استحباب فإن الولادة أول الخروج إلى الدنيا وهذا أول الخروج منها وهذا فيه ضعف فإن مثل هذا لا يثبت إلا توقيفا انتهى . الأذان والإقامة في أذن المولود
وانظر قوله : " لمزدحم الجن " ولعله يشير إلى حديث { } كما سيأتي وأما قوله : " في أذن الحزين " فيشير إلى ما أخرجه إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان الديلمي { عن كرم الله وجهه قال : رآني النبي صلى الله عليه وسلم حزينا ، فقال يا علي ابن أبي طالب أراك حزينا فمر بعض أهلك يؤذن في أذنك فإنه دواء للهم ، فجربته فوجدته كذلك } ، وقال كل من روى من رواية الديلمي : إنه جربه فوجده كذلك ، وروى الديلمي أيضا عنه ، قال : { } انتهى . وذكر الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمن ساء خلقه من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنه صاحب تنبيه الغافلين : أن أبو الليث السمرقندي من البدع . الأذان عند ركوب البحر
( الثاني ) قال النووي في كتاب الأذكار في باب { ما يقول إذا عرض له شيطان } ينبغي أن يتعوذ ثم يقرأ من القرآن ما تيسر ثم ، قال : وينبغي أن يؤذن أذان الصلاة فقد روينا في صحيح عن مسلم أنه ، قال : أرسلني أبي إلى سهيل بن أبي صالح بني حارثة ، ومعي غلام لنا فناداه مناد من حائط باسمه وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا ، فذكرت ذلك لأبي ، فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ، ولكنك إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة فإني سمعت يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبا هريرة } وقال في شرح المهذب يستحب إذا تغولت الغيلان أن يقول ما رواه إن الشيطان إذا نودي بالصلاة أدبر [ ص: 434 ] إن النبي صلى الله عليه وسلم قال { جابر } والغيلان : طائفة من الجن والشياطين ، وهم سحرتهم ومعنى تغولت تلونت في صور انتهى . وزاد في الأذكار ، فقال : والمراد ادفعوا شرهم بالأذان فإن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر انتهى . ولم أقف على استحباب ذلك في كلام أهل المذهب مع أن القصة التي ذكرها عن صحيح مسلم فهي في كتاب الأذان منه ولم يتكلم عليها إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان ولا القاضي عياض ولا القرطبي الأبي والله تعالى أعلم .
( الثالث ) قال الشيخ في كتاب الجامع من مختصر المدونة وكره أبو محمد بن أبي زيد أن يؤذن في أذن الصبي المولود انتهى . وقال في النوادر بإثر العقيقة في ترجمة الختان ، والخفاض ، وأنكر مالك أن يؤذن في أذنه حين يولد انتهى . وقال مالك الجزولي في شرح الرسالة : وقد استحب بعض أهل العلم أن يؤذن في أذن الصبي ويقيم حين يولد انتهى . وقال النووي في الأذكار ، قال جماعة من أصحابنا : يستحب أن يؤذن في أذن الصبي اليمنى ، ويقيم الصلاة في أذنه الأخرى ، وقد روينا في سنن أبي داود والترمذي عن أبي رافع ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم { الحسن بن علي حين ولدته بالصلاة فاطمة } قال أذن في أذن الترمذي حديث حسن صحيح وروينا في كتاب عن ابن السني الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } انتهى . من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في الأذن اليسرى لم تضره أم الصبيان
( قلت ) وقد جرى عمل الناس بذلك فلا بأس بالعمل به والله أعلم