( فليخرج ) إن أراد السلامة من الحنث بنية التحول في كل من مسألة الإقامة والسكنى فيما يظهر من كلامهم ، قال ( حلف لا يسكنها ) أي : هذه الدار أو دارا ( أو لا يقيم فيها ) وهو فيها عند الحلف ، الأذرعي إن كان متوطنا فيه قبل حلفه فلو دخله لنحو تفرج فحلف لا يسكنه لم يحتج لنية التحول قطعا ( في الحال ) ببدنه فقط ؛ لأنه المحلوف عليه ، ولا يكلف الهرولة ولا الخروج من أقرب البابين ، نعم قال الماوردي : إن عدل لباب من السطح مع القدرة على غيره حنث ؛ لأنه بالصعود في حكم المقيم أي : ولا نظر لتساوي المسافتين ولا لأقربية طريق السطح على ما أطلقه ؛ لأنه بمشيه إلى الباب آخذ في سبب الخروج وبالعدول عنه إلى الصعود غير آخذ في ذلك عرفا ، أما بغير نية التحول فيحنث على المنقول ؛ لأنه مع ذلك ساكن أو مقيم عرفا ( فإن مكث ) ولو لحظة وهو مراد الروضة بساعة ، وقول الغزي : كما لو وقف ليشرب مثلا يتعين تقييد مثاله بما إذا لم يكن شربه لعطش لا يحتمل مثله عادة ، كما أفهمه قولهم : ( بلا عذر حنث ، وإن بعث متاعه ) وأهله ؛ لأنه مع ذلك يسمى ساكنا ومقيما .
أما إذا مكث لعذر كأن أغلق عليه الباب أو طرأ عليه عقب الحلف نحو مرض منعه من الخروج ولم يجد من يخرجه . [ ص: 22 ] أو خاف على نحو ماله لو خرج فمكث ولو ليلة أو أكثر فلا حنث ، ويظهر ضبط المرض هنا بما مر في العجز عن القيام في فرض الصلاة ، نعم يفهم مما يأتي عن المصنف أنه متى أمكنه استئجار من يحمله بأجرة مثل وجدها فترك حنث ، وقليل المال ككثيره كما اقتضاه إطلاقهم . ويتردد النظر في الخوف على الاختصاص ، والقياس أنه عذر أيضا إن كان له وقع عرفا
وكذا لو أي : لم يدركه كاملا في الوقت كما هو ظاهر ؛ لأن الإكراه الشرعي كالحسي كما مر ، ولو ضاق وقت فرض بحيث لو خرج قبل أن يصليه فاته لم يحنث ما دام يسمى عرفا زائرا أو عائدا وإلا حنث وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق خرج ثم عاد إليها لنحو زيارة أو عيادة الشيخين وغيرهما أنه لا حنث بالمكث للعذر ، وقول البغوي ومن تبعه إن طال المكث حنث وخرج بقولنا وهو فيها عند الحلف ما لو حلف كذلك وهو خارجها فينبغي حنثه بدخولها مع إقامته لحظة أي : يحصل بها الاعتكاف فيما يظهر فيها بغير عذر ، ( وإن ) يليق بالخروج لا غير ( لم يحنث ) ؛ لأنه لا يعد مع ذلك ساكنا وإن طال مقامه لأجله ، ويراعى في لبثه لذلك ما اعتيد من غير إرهاق ، وقيد نوى التحول لكنه ( اشتغل بأسباب الخروج كجمع متاع وإخراج أهل ولبس ثوب ) المصنف ذلك بما إذا لم تمكنه الاستنابة وإلا حنث وبه صرح الماوردي والشاشي ، ويظهر أنه لو وجد من لا يرضى بأجرة المثل أو يرضى بها ولا يقدر عليها بأن لم يكن معه [ ص: 23 ] ما يبقى له مما مر في باب التفليس لا يحنث لعذره .