أولئك إشارة إلى الفريق الثاني والجملة في مقابلة ( وما لهم في الآخرة من خلاق ) والتعبير باسم الإشارة للدلالة على أن اتصافهم بما سبق علة للحكم المذكور، ولذا ترك العطف ههنا لكونه كالنتيجة لما قبله، قيل: وما فيه من معنى البعد للإشارة إلى علو درجتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وجوز أن تكون الإشارة إلى كلا الفريقين المتقدمين، فالتنوين في قوله تعالى: لهم نصيب مما كسبوا على الأول للتفخيم وعلى الثاني للتنويع؛ أي لكل منهم نصيب من جنس ما كسبوا، أو من أجله، أو مما دعوا به نعطيهم منه ما قدرناه، و ( من ) إما للتبعيض أو للابتداء، والمبدئية على تقدير الأجلية على وجه التعليل، وفي الآية على الاحتمال الثالث وضع الظاهر موضع المضمر بغير لفظ السابق؛ لأن المفهوم من ( ربنا آتنا ) الدعاء لا الكسب إلا أنه يسمى كسبا؛ لأنه من الأعمال، وقرئ: ( مما اكتسبوا ).
والله سريع الحساب 202 يحاسب العباد على كثرتهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا، وروي: بمقدار فواق ناقة، وروي بمقدار لمحة البصر، أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب الناس فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات، والجملة تذييل لقوله تعالى: فاذكروا الله كذكركم آباءكم إلخ، والمحاسبة إما على حقيقتها كما هو قول أهل الحق، من أن النصوص على ظاهرها ما لم يصرف عنها صارف، أو مجاز عن خلق علم ضروري فيهم بأعمالهم وجزائها كما وكيفا، أو مجازاتهم عليها هذا.