إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم
قوله عز وجل: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات الآية. اختلف في سبب نزولها ، فروى عن معمر قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناداه من وراء الحجرة: يا محمد ، إن مدحي زين وشتمي شين ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ويلك ذاك الله ، ذاك الله فأنزل الله هذه الآية ، فهذا قول. وروى قال: زيد بن أرقم محمد ، فأنزل الله هذه الآية. قيل: إنهم كانوا من أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه وإن يكن ملكا نعش في جنابه ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه ، وهو في [ ص: 328 ] حجرته يا بني تميم. قال مقاتل: كانوا تسعة نفر: قيس بن عاصم ، ، والزبرقان بن بدر والأقرع بن حابس ، وسويد بن هشام ، وخالد بن مالك ، وعطاء بن حابس ، والقعقاع بن معبد ، ووكيع بن وكيع ، وعيينة بن حصن.
وفي قوله أكثرهم لا يعقلون وجهان:
أحدهما: لا يعلمون ، فعبر عن العلم بالعقل لأنه من نتائجه ، قاله ابن بحر .
الثاني: لا يعقلون أفعال العقلاء لتهورهم وقلة أناتهم ، وهو محتمل. والحجرات جمع حجر; والحجر جمع حجرة. ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم فيه وجهان:
أحدهما: لكان أحسن لأدبهم في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: لأطلقت أسراهم بغير فداء ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سبى قوما من بني العنبر ، فجاءوا في فداء سبيهم وأسراهم.