فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون
قوله تعالى: فرجعوا إلى أنفسهم فيه وجهان: أحدهما: أن رجع بعضهم إلى بعض.
الثاني: أن رجع كل واحد منهم إلى نفسه متفكرا فيما قاله إبراهيم ، فحاروا عما أراده من الجواب فأنطقهم الله تعالى الحق فقالوا إنكم أنتم الظالمون يعني في سؤاله ؛ لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها ، ولو صحبهم التوفيق لآمنوا مع هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم. ثم نكسوا على رءوسهم فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه أنهم رجعوا إلى شركهم بعد اعترافهم بالحق.
الثاني: يعني أنهم رجعوا إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون الثالث: أنهم نكسوا على رءوسهم واحتمل ذلك منهم واحدا من أمرين: إما انكسارا بانقطاع حجتهم ، وإما فكرا في جوابهم فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة إذعانا لها وإقرارا بها ، بقولهم: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.
[ ص: 453 ]