لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا
[ ص: 86 ] "لا يحل " وقرئ التذكير ; لأن تأنيث الجمع غير حقيقي ، وإذا جاز بغير فصل في قوله تعالى : وقال نسوة كان مع الفضل أجوز "من بعد " من بعد التسع ; لأن التسع نصاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من الأزواج ، كما أن الأربع نصاب أمته منهن ، فلا يحل له أن يتجاوز النصاب ولا أن تبدل بهن ولا أن تستبدل بهؤلاء التسع أزواجا أخر بكلهن أو بعضهن ، أراد التسع لهن كرامة وجزاء على ما اخترن ورضين . فقصر النبي صلى الله عليه وسلم عليهن ، وهي التسع اللاتي مات عنهن : ، عائشة بنت أبي بكر ، حفصة بنت عمر ، أم حبيبة بنت أبي سفيان ، سودة بنت زمعة ، أم سلمة بنت أبي أمية ، صفية بنت حيي الخيبرية ، ميمونة بنت الحارث الهلالية ، زينب بنت جحش الأسدية ، -رضي الله عنهن - . من في وجويرية بنت الحرث المصطلقية من أزواج لتأكيد النفى ، وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم . وقيل : معناه : لا تحل لك النساء من بعد النساء اللاتي نص إحلالهن لك من الأجناس الأربعة من الأعرابيات والغرائب ، أو من الكتابيات ، أو من الإماء بالنكاح ، وقيل في تحريم التبدل : هو من البدل الذي كان في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل : بادلني بامرأتك ، وأبادلك بامرأتي ، فينزل كل واحد منهما عن امرأته لصاحبه . ويحكى عيينة بن حصن دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده من غير استئذان ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "يا عائشة عيينة ، أين الاستئذان " ؟ قال : يا رسول الله ، ما استأذنت على رجل قط ممن مضى منذ أدركت ، ثم قال : من هذه الجميلة إلى جنبك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "هذه " . قال عائشة أم المؤمنين عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله قد حرم ذلك " ، فلما خرج قالت -رضي الله عنها - : من هذا يا رسول الله ؟ قال : "أحمق مطاع ، وإنه -على ما ترين - لسيد قومه " عائشة . أن [ ص: 87 ] -رضي الله عنها - : ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حتى أحل له النساء عائشة ، يعني : أن الآية قد نسخت . ولا يخلو [ ص: 88 ] نسخها إما أن يكون بالسنة ، وإما بقوله تعالى : وعن إنا أحللنا لك أزواجك وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف ولو أعجبك في موضع الحال من الفاعل ، وهو الضمير في "تبدل " لا من المفعول الذي هو من أزواج ; لأنه موغل في التنكير ، وتقديره : مفروضا إعجابك بهن . وقيل : هي أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة ، والمراد أنها ممن أعجبه حسنهن ، واستثنى ممن حرم عليه ، الإماء "رقيبا " حافظا مهيمنا ، وهو تحذير عن مجاوزة حدوده وتخطي حلاله إلى حرامه . جعفر بن أبي طالب