ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون
قرئ : (الصور ) بسكون الواو وهو القرن ، أو جمع صورة ، وحركها بعضهم ، و "الأجداث " القبور ، وقرئ بالفاء . "ينسلون " يعدون بكسر السين وضمها ، وهي النفخة الثانية . وقرئ : (يا ويلتنا ) ، عن رضي الله عنه : من أهبنا ، من هب من نومه إذا انتبه ، وأهبه غيره ، وقرئ : (من هبنا ) بمعنى أهبنا : وعن بعضهم : أراد هب بنا ، فحذف الجار وأوصل الفعل ، وقرئ : (من بعثنا ) و (من هبنا ) ، على من الجارة والمصدر ، و "هذا " مبتدأ ، و "ما وعد " خبره ، وما مصدرية أو موصولة . ويجوز أن يكون هذا صفة للمرقد ، وما وعد : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هذا وعد الرحمن ، أي : مبتدأ محذوف الخبر ، أي ما وعد ابن مسعود الرحمن وصدق المرسلون حق . وعن : للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم ، فإذا صيح بأهل القبور قالوا : من بعثنا ، وأما مجاهد هذا ما وعد الرحمن فكلام الملائكة ، عن ، وعن ابن عباس : كلام المتقين . وقيل : كلام الكافرين يتذكرون ما سمعوه من الرسل فيجيبون به أنفسهم أو بعضهم بعضا . فإن قلت : إذا جعلت "ما " مصدرية ، كان المعنى : هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين ، على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق ، فما وجه قوله : الحسن وصدق المرسلون إذا جعلتها موصولة ؟ قلت : تقديره : هذا الذي وعده الرحمن والذي صدقه المرسلون ، بمعنى : والذي صدق فيه المرسلون ، من قولهم : صدقوهم الحديث والقتال . ومنه : صدقني سن بكره . فإن قلت : من بعثنا من مرقدنا ؟ سؤال عن الباعث ، فكيف طابقه ذلك جوابا ؟ قلت : معناه : بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأنبأكم به الرسل ، إلا أنه جيء به على طريقة : سيئت [ ص: 183 ] بها قلوبهم ، ونعيت إليهم أحوالهم ، وذكروا كفرهم وتكذيبهم ، وأخبروا بوقوع ما أنذروا به ، وكأنه قيل لهم : ليس بالبعث الذي عرفتموه وهو بعث النائم من مرقده ، حتى يهمكم السؤال عن الباعث ، إن هذا هو البعث الأكبر ذو الأهوال والأفزاع ، وهو الذي وعده الله في كتبه المنزلة على ألسنة رسله الصادقين .