فإن الله غني عنكم عن إيمانكم وإنكم المحتاجون إليه; استضراركم بالكفر واستنفاعكم بالإيمان. ولا يرضى لعباده الكفر رحمة لهم; لأنه يوقعهم في الهلكة. وإن تشكروا يرضه لكم أي: يرض الشكر لكم; لأنه سبب فوزكم وفلاحكم، فإذا ما كره كفركم ولا رضي شكركم إلا لكم ولصلاحكم، لا لأن منفعة ترجع إليه; لأنه الغني الذي لا [ ص: 291 ] يجوز عليه الحاجة. ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت لله تعالى ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر فقال: هذا من العام الذي أريد به الخاص، وما أراد إلا عبادة الذين عناهم في قوله: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان [الإسراء: 65] يريد: المعصومين، كقوله تعالى: عينا يشرب بها عباد الله [الإنسان: 6]، تعالى الله عما يقول الظالمون، وقرئ: (يرضه) بضم الهاء بوصل وبغير وصل، وبسكونها. "خوله" أعطاه. قال أبو النجم [من الرجز]:
أعطى فلم يبخل ولم يبخل كوم الذرى من خول المخول
[ ص: 292 ] وفى حقيقته وجهان، أحدهما: جعله خائل مال، من قولهم: هو خائل مال، وخال مال: إذا كان متعهدا له حسن القيام به، ومنه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يتخول أصحابه بالموعظة، والثاني: جعله يخول من خال يخول إذا اختال وافتخر، وفى معناه قول العرب [من البسيط]:
إن الغني طويل الذيل مياس