وقرئ: (والهدي) (والهدى) بتخفيف الياء وتشديدها، وهو ما يهدى إلى الكعبة: بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في صدوكم. أي: صدوكم وصدوا الهدي وبالجر عطفا على المسجد الحرام، بمعنى: وصدوكم عن نحر الهدي معكوفا أن يبلغ محله محبوسا عن أن يباع، وبالرفع على: وصد الهدي. ومحله: مكانه الذي يحل فيه نحره، [ ص: 546 ] أي يجب. وهذا دليل على أن المحصر محل هديه الحرم. فإن قلت: فكيف حل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه وإنما نحر هديهم بالحديبية؟ قلت: بعض الحديبية من لأبي حنيفة الحرم. وروى أن مضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في الحل، ومصلاه في الحرم. فإن قلت: فإذن قد نحر في الحرم، فلم قيل: معكوفا أن يبلغ محله ؟ قلت: المراد المحل المعهود وهو مني لم تعلموهم صفة للرجال والنساء جميعا. و أن تطئوهم بدل اشتمال منهم أو من الضمير المنصوب في تعلموهم. والمعرة: مفعلة، من عره بمعنى عراه إذا دهاه ما يكره ويشق عليه. و بغير علم متعلق بأن تطئوهم، يعني: أن تطئوهم غير عالمين بهم. والوطء والدوس: عبارة عن الإيقاع والإبادة. قال [من الكامل]:
ووطئتنا وطأ على حنق وطأ المقيد نابت الهرم
[ ص: 547 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمعنى: أنه كان "وأن آخر وطأة وطئها الله بوج" بمكة قوم من المسلمين مختلطون بالمشركين غير متميزين منهم ولا معروفى الأماكن، فقيل: ولولا كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم، فتصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة: لما كف أيديكم عنهم، وحذف جواب "لولا"; لدلالة الكلام عليه. ويجوز أن يكون لو تزيلوا كالتكرير للولا رجال مؤمنون، لمرجعهما إلى معنى واحد، ويكون "لعذبنا" هو الجواب. فإن قلت: أي معرة تصيبهم إذا قتلوهم وهم لا يعلمون. قلت: يصيبهم وجوب الدية والكفارة، وسوء قالة المشركين أنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا من غير تمييز، والمأثم إذا جرى منهم بعض التقصير. فإن قلت: قوله تعالى: ليدخل الله في رحمته من يشاء تعليل لماذا؟ قلت: لما دلت عليه الآية وسيقت له: من كف الأيدي عن أهل مكة، والمنع من قتلهم; صونا لمن بين أظهرهم من المؤمنين، كأنه قال: كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته، أي: في توفيقه لزيادة الخير والطاعة مؤمنيهم ، أو ليدخل في الإسلام من رغب فيه من مشركيهم لو تزيلوا لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض: من زاله يزيله. وقرئ: (لو تزايلوا).