يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون
يقال: من عليه بيد أسداها إليه، كقولك: أنعم عليه وأفضل عليه. والمنة: النعمة التي لا يستثيب مسديها من يزلها إليه، اشتقاقها من المن الذي هو القطع; لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة. ثم يقال: من عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاما. وسياق هذه الآية فيه لطف ورشاقة، وذلك أن الكائن من الأعاريب قد سماه الله إسلاما، ونفى أن يكون كما زعموا إيمانا; فلما منوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منهم قال الله سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام: إن هؤلاء يعتدون عليك بما ليس جديرا بالاعتداد به من حدثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام. فقل لهم: لا تعتدوا على إسلامكم، أي حدثكم المسمى إسلاما عندي لا إيمانا. ثم قال: بل الله يعتد عليكم أن أمدكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم أنكم أرشدتم إليه ووفقتم له إن صح زعمكم وصدقت دعواكم، إلا أنكم تزعمون وتدعون ما الله عليم بخلافه. وفى إضافة الإسلام إليهم وإيراد الإيمان غير مضاف: ما لا يخفى على المتأمل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره: إن كنتم صادقين في ادعائكم [ ص: 590 ] الإيمان، فلله المنة عليكم. وقرئ: (إن هداكم) بكسر الهمزة. وفى قراءة رضي الله عنه: (إذ هداكم). وقرئ: (تعلمون) بالتاء والياء، وهذا بيان لكونهم غير صادقين في دعواهم، يعني أنه عز وجل يعلم كل مستتر في العالم ويبصر كل عمل تعملونه في سركم وعلانيتكم، لا يخفى عليه منه شيء، فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم ولا يظهر على صدقكم وكذبكم، وذلك أن خاله مع كل معلوم واحدة لا تختلف. ابن مسعود
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الحجرات أعطي من الأجر بعدد من أطاع الله وعصاه".