قوله عز وجل:
ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
قرأ الناس: "في مرية" بكسر الميم، وقرأ بضمها. واختلف المتأولون في الضمير الذي في "لقائه" على من يعود؟ فقال الحسن ، أبو العالية الرياحي : يعود على "موسى"، والمعنى: لا تك في شك من أن تلقى وقتادة موسى، أي: في ليلة الإسراء، وهذا [ ص: 81 ] قول جماعة من السلف، وقاله حين امتحن المبرد بهذه المسألة. وقالت فرقة: الضمير عائد على "الكتاب"، أي أنه لقي أبا إسحاق الزجاج موسى حين لقيه موسى عليه السلام، والمصدر في هذا التأويل يصح أن يكون مضافا للفاعل، بمعنى: لقي الكتاب موسى، ويصح أن يكون مضافا إلى المفعول، بمعنى: لقي الكتاب - بالنصب - موسى عليه السلام. وقال الضمير عائد على ما يتضمنه القول من المحنة والشدة التي في إخباره بأنه آتى الحسن: موسى الكتاب، كأنه قال: ولقد آتينا موسى هذا العبء الذي أنت بسبيله، فلا تمتر أنك تلقى ما لقي هو من المحنة بالناس، وكأن الآية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: معناه: فلا تكن في شك من لقائه في الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف.
وقالت فرقة: الضمير عائد على ملك الموت الذي تقدم ذكره، وقوله: فلا تكن في مرية من لقائه اعتراض بين الكلامين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا أيضا ضعيف.
والمرية: الشك. والضمير في "جعلناه" عائد على "موسى"، وهو قول ، ويحتمل أن يعود على "الكتاب". قتادة
و"أئمة": جمع إمام، وهو الذي يقتدى به، وأصله خيط البناء، وجمهور النحويين على "أيمة" بياء وتخفيف الهمزة، إلا ابن أبي إسحاق ، فإنه جوز اجتماع الهمزتين وقرأ: "أئمة". وقرأ جمهور القراء: "لما صبروا" بفتح اللام وشد الميم، وقرأ حمزة : "لما صبروا" بكسر اللام وتخفيف الميم، وهي قراءة والكسائي ، ابن مسعود ، وطلحة ، فالأولى في معنى الظرف، والثانية كأنه قال: لأجل صبرهم، فـ"ما" مصدرية، وفي القراءتين معنى المجازاة، أي: جعلهم أئمة جزاء على صبرهم على الدنيا، وكونهم موقنين بآيات الله تبارك وتعالى وأوامره وجميع ما تورده الشريعة. وقرأ والأعمش : "بما صبروا". ابن مسعود
وقوله تعالى: إن ربك الآية حكم يعم جميع الخلق، وذهب بعض المتأولين إلى تخصيص الضمير، وذلك ضعيف.