فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون
هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. فأما عاد فكانوا -مع كفرهم بالله، وجحدهم بآيات الله، وكفرهم برسله- مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم. وقالوا من أشد منا قوة قال تعالى ردا عليهم، بما يعرفه كل أحد: أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرا صحيحا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم الله عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها.
فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا أي: ريحا عظيمة، من قوتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد [ ص: 1568 ] القاصف. فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية نحسات فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا: لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا الذي اختزوا به وافتضحوا بين الخليقة. ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون أي: لا يمنعون من عذاب الله، ولا ينفعون أنفسهم.