قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين نحن خلقناكم فلولا تصدقون [ ص: 1767 ] قل إن متقدم الخلق ومتأخرهم، الجميع سيبعثهم الله ويجمعهم لميقات يوم معلوم، قدره الله لعباده، حين تنقضي الخليقة، ويريد الله تعالى جزاءهم على أعمالهم التي عملوها في دار التكليف.
ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى، التابعون لطريق الردى، المكذبون بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق والوعد والوعيد.
لآكلون من شجر من زقوم وهو أقبح الأشجار وأخسها، وأنتنها ريحا، وأبشعها منظرا.
فمالئون منها البطون والذي أوجب لهم أكلها -مع ما هي عليه من الشناعة- الجوع المفرط، الذي يلتهب في أكبادهم وتكاد تنقطع منه أفئدتهم. هذا الطعام الذي يدفعون به الجوع، وهو الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
وأما شرابهم، فهو بئس الشراب، وهو أنهم يشربون على هذا الطعام من الماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الهيم وهي الإبل العطاش، التي قد اشتد عطشها، أو أن الهيم داء يصيب الإبل، لا تروى معه من شرب الماء.
هذا الطعام والشراب نزلهم أي: ضيافتهم يوم الدين وهي الضيافة التي قدموها لأنفسهم، وآثروها على ضيافة الله لأوليائه.
قال تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا
ثم ذكر الدليل العقلي على البعث، فقال: نحن خلقناكم فلولا تصدقون أي: نحن الذين أوجدناكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، من غير عجز ولا تعب، أفليس القادر على ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى إنه على كل شيء قدير، ولهذا وبخهم على عدم تصديقهم بالبعث، وهم يشاهدون ما هو أعظم منه وأبلغ.