تفسير سورة القارعة
وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية
القارعة من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك، لأنها تقرع الناس وتزعجهم [ ص: 1990 ] بأهوالها، ولهذا عظم أمرها وفخمه بقوله: القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس من شدة الفزع والهول، كالفراش المبثوث أي: كالجراد المنتشر، الذي يموج بعضه في بعض، والفراش: هي الحيوانات التي تكون في الليل، يموج بعضها ببعض لا تدري أين توجه، فإذا أوقد لها نار تهافتت إليها لضعف إدراكها، فهذه حال الناس أهل العقول، وأما الجبال الصم الصلاب، فتكون كالعهن المنفوش أي: كالصوف المنفوش، الذي بقي ضعيفا جدا، تطير به أدنى ريح، قال تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ثم بعد ذلك، تكون هباء منثورا، فتضمحل ولا يبقى منها شيء يشاهد، فحينئذ تنصب الموازين، وينقسم الناس قسمين: سعداء وأشقياء، فأما من ثقلت موازينه أي: رجحت حسناته على سيئاته فهو في عيشة راضية في جنات النعيم.
وأما من خفت موازينه بأن لم تكن له حسنات تقاوم سيئاته.
فأمه هاوية أي: مأواه ومسكنه النار، التي من أسمائها الهاوية، تكون له بمنزلة الأم الملازمة كما قال تعالى: إن عذابها كان غراما .
وقيل: إن معنى ذلك، فأم دماغه هاوية في النار، أي: يلقى في النار على رأسه.
وما أدراك ما هيه وهذا تعظيم لأمرها، ثم فسرها بقوله: نار حامية أي: شديدة الحرارة، قد زادت حرارتها على حرارة نار الدنيا سبعين ضعفا. نستجير بالله منها.