قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا [ ص: 962 ] لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله
(37) أي: قال له صاحبه المؤمن - ناصحا له - ومذكرا له حاله الأولى التي أوجده الله فيها في الدنيا من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد، وواصل عليك النعم، ونقلك من طور إلى طور، حتى سواك رجلا كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة والمعقولة، وبذلك يسر لك الأسباب، وهيأ لك ما هيأ من نعم الدنيا، فلم تحصل لك الدنيا بحولك وقوتك، بل بفضل الله تعالى عليك، فكيف يليق بك أن تكفر بالله الذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا؟! وتجحد نعمته، وتزعم أنه لا يبعثك، وإن بعثك أنه يعطيك خيرا من جنتك؟! هذا مما لا ينبغي ولا يليق. (38) ولهذا لما رأى صاحبه المؤمن حاله واستمراره على كفره وطغيانه، قال - مخبرا عن نفسه، على وجه الشكر لربه، والإعلان بدينه، عند ورود المجادلات والشبه -: لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا فأقر بربوبيته لربه، وانفراده فيها، والتزم طاعته وعبادته، وأنه لا يشرك به أحدا من المخلوقين، ثم أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام - ولو مع قلة ماله وولده - أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها معرض للزوال والعقوبة عليه والنكال، فقال: