قوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير الآية . الميتة . وأما الدم فالمحرم منه هو المسفوح لقوله تعالى : ما فارقته الروح بغير تذكية مما شرط علينا الذكاة في إباحته قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا وقد بينا ذلك في سورة البقرة . والدليل أيضا على أن المحرم منه هو المسفوح اتفاق المسلمين على إباحة الكبد والطحال وهما دمان ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : يعني بالدمين الكبد والطحال ؛ فأباحهما وهما دمان ؛ إذ ليسا بمسفوح ، فدل على إباحة كل أحلت لي ميتتان ودمان . ما ليس بمسفوح من الدماء
فإن قيل : لما حصر المباح منه بعدد دل على حظر ما عداه . قيل : هذا غلط ؛ لأن الحصر بالعدد لا يدل على أن ما عداه حرمه بخلافه ، ومع ذلك فلا خلاف أن مما عداه من الدماء ما هو المباح وهو الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح وما يبقى منه في العروق ، فدل على أن حصره الدمين بالعدد وتخصيصهما بالذكر لم يقتض حظر جميع ما عداهما من الدماء . وأيضا أنه لما قال : أو دما مسفوحا ثم قال : والدم كانت الألف واللام للمعهود ، وهو الدم المخصوص بالصفة ، وهو أن يكون مسفوحا ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم : إنما ورد مؤكدا لمقتضى قوله عز وجل أحلت لي ميتتان ودمان قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا إذ ليسا بمسفوحين ؛ ولو لم يرد لكانت دلالة الآية كافية في الاقتصار بالتحريم على المسفوح منه دون غيره وأن الكبد والطحال غير محرمين .