ولما ذكرهم نعمه؛ وحذرهم نقمه؛ عجب منهم في سفول نظرهم؛ وقبح أثرهم؛ فقال - موبخا؛ ومقرعا؛ ومبكتا؛ ومعجبا من زيادة ضلالهم؛ عادلا عن مظهر العظمة إلى أعظم منه -: واتخذوا ؛ أي: فعلنا لهم ذلك؛ والحال أنهم كلفوا أنفسهم على غير ما تهدي إليه الفطرة الأولى أن أخذوا؛ أو يكون معطوفا على "كانوا"؛ من قوله: إلا كانوا به يستهزئون فيكون التقدير: إلا كانوا يجددون الاستهزاء؛ واتخذوا قبل إرساله إليهم؛ مع ما رأوا من قدرتنا؛ وتقبلوا فيه من نعمتنا؛ من دون الله ؛ أي: الذي له جميع العظمة؛ فكل شيء دونه؛ وما كان دونه كان مقهورا؛ مربوبا؛ آلهة ؛ أي: لا شيء لها من القدرة؛ ولا من صلاحية الإلهية؛ ولما تقرر أنها غير صالحة لما أهلوها له؛ تشوف السامع إلى السؤال عن [ ص: 175 ] سبب ذلك؛ فقال - جوابا له؛ تعجيبا من حالهم -: لعلهم ؛ أي: العابدين؛ ولما كان مقصودهم حصول النصر من أي ناصر كان؛ بنى للمفعول قوله: ينصرون ؛ أي: ليكون حالهم بزعمهم في اجتماعهم عليها؛ والتئامهم بها؛ حال من ينصر على من يعاديه؛ ويعانده؛ ويناوئه.