[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأعراف قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فصل أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } هي باطلة لأنه عارض النص بالقياس . ولهذا قال بعض حجة إبليس في قوله : { السلف : إبليس وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس . ويظهر فسادها بالعقل من وجوه خمسة . أول من قاس
" أحدها " أنه ادعى أن النار خير من الطين وهذا قد يمنع فإن الطين فيه السكينة والوقار والاستقرار والثبات والإمساك ونحو ذلك وفي النار الخفة والحدة والطيش والطين فيه الماء والتراب .
" الثاني " أنه وإن كانت النار خيرا من الطين فإن الفرع قد يختص بما لا يكون في أصله وهذا التراب يخلق منه من الحيوان والمعادن والنبات ما هو خير منه والاحتجاج على فضل الإنسان على غيره بفضل أصله على أصله حجة فاسدة احتج بها إبليس وهي حجة الذين يفخرون بأنسابهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " { فلا يجب أن يكون [ ص: 6 ] المخلوق من الأفضل أفضل } " . من قصر به عمله لم يبلغ به نسبه
" الثالث " أنه وإن كان مخلوقا من طين فقد حصل له بنفخ الروح المقدسة فيه ما شرف به فلهذا قال : { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } فعلق السجود بأن ينفخ فيه من روحه فالموجب للتفضيل هذا المعنى الشريف الذي ليس لإبليس مثله .
" الرابع " أنه مخلوق بيدي الله تعالى كما قال تعالى : { ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } وهو كالأثر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وعن عبد الله بن عمرو في تفضيله على الملائكة حيث قالت الملائكة : " { } " . يا رب قد خلقت لبني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ويلبسون وينكحون ; فاجعل لنا الآخرة كما جعلت لهم الدنيا فقال : لا أفعل . ثم أعادوا . فقال : لا أفعل ثم أعادوا فقال : وعزتي لا أجعل صالح من خلقت بيدي كمن قلت له : كن فكان
" الخامس " أنه لو فرض أنه أفضل فقد يقال : إكرام الأفضل للمفضول ليس بمستنكر .