ثم شرع يتكلم على واجباته فقال ( وأقله ) أي ( نية رفع جنابة ) إن كان جنبا ، فإن كانت حائضا نوت رفع حدث الحيض ( أو ) نية ( استباحة ) شيء ( مفتقر إليه ) أي إلى الغسل كالطواف والصلاة ونية منقطعة حيض استباحة وطء ولو محرما فيما يظهر كما اقتضاه كلام وأقل واجب الغسل الذي لا يصح بدونه ابن المقري تبعا لأصله هنا ، وإن قيده في الروضة في باب صفة الوضوء بالزوج ونحوها لما سبق في الضوء ، فإن نوى ما لا يفتقر إليه لم يصح ( أو أداء فرض الغسل ) أو أداء الغسل ، أو فرض الغسل ، أو الغسل المفروض ، أو الواجب ، أو الطهارة للصلاة ، أو الغسل لها فيما يظهر لا الغسل فقط ، لأنه قد يكون عادة وبه فارق الوضوء ، أو رفع الحدث ، أو الحدث الأكبر ، أو عن جميع البدن لتعرضه للمقصود فيما سوى رفع الحدث ، ولاستلزام رفع المطلق رفع المقيد فيهما ، إذ رفع الماهية يستلزم رفع كل من أجزائها .
فلا يقال الحدث حيث أطلق منصرف للأصغر غالبا ، ويأتي ما تقدم في الوضوء هنا من أنه يجب على سلس المني نية نحو الاستباحة ، إذ لا يكفيه نية رفع الحدث أو الطهارة عنه وأنه لو نفى من أحداثه غير ما نواه أجزأه ، وأنه لو جنابة جماع وقد احتلم ، أو الجنابة المخالف مفهومها لمفهوم [ ص: 223 ] الحيض وحدثه حيض أو عكسه صح مع الغلط ، وإن كان ما نواه معه لا يتصور وقوعه منه كنية الرجل رفع حدث الحيض غلطا كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى خلافا لبعض المتأخرين ، وبخلاف ما إذا كان متعمدا كما صرح به في المجموع .
نعم يرتفع الحيض بنية النفاس وعكسه مع العمد كما يدل عليه تعليلهم إيجاب الغسل في النفاس بكونه دم حيض مجتمع وتصريحهم بأن اسم النفاس من أسماء الحيض وذلك دال على أن الاسم مشترك ، وقد جزم بذلك في البيان واعتمده الإسنوي ، ولو نوى الجنب بالغسل رفع الحدث الأصغر غالطا وصححناه لم ترتفع جنابته عن غير أعضاء الوضوء ، لأن نيته لم تتناوله ولا عن رأسه إذ واجب رأسه الغسل ، والذي نواه فيها إنما هو المسح لأنه واجب الوضوء ، والغسل النائب عن المسح لا يقوم مقام الغسل وترتفع عن باقي أعضاء الوضوء لوجوبها في الحدثين وهل يرتفع الحدث الأصغر عن رأسه لإتيانه بنية معتبرة في الوضوء ، أفتى الوالد رحمه الله تعالى بارتفاعه عنه أخذا من مفهوم قولهم : إن جنابته لا ترتفع عن رأسه ، ويؤيده قولهم : إنه يسن له الوضوء ، والأفضل تقديمه على الغسل وينوى به رفع الحدث الأصغر فيرتفع عن أعضاء وضوئه مع بقاء جنابتها ، ولا يلحق بالرأس فيما تقدم باطن لحية الرجل الكثيفة وعارضيه لأنه من مغسوله أصالة فترتفع الجنابة عنه كما أفاده ابن العماد ، خلافا لما بحثه وارتضاه في المهمات ( أبو علي السنجي ) لما سبق في الوضوء ، وأول فرض هنا هو أول مغسول من بدنه سواء أكان أعلى أم أسفل لعدم الترتيب فيه ، فلو مقرونة بأول فرض وجب إعادة [ ص: 224 ] غسله . نوى بعد غسل جزء
وإذا اقترنت بأول مفروض لم يثب على السنن السابقة ، وقوله مقرونة بالرفع في خط المصنف كما أفاده الشارح ، ويصح نصبها على أنه صفة لمصدر محذوف عامله المصدر الملفوظ به أولا وتقديره : وأقله أن ينوي كذا نية مقرونة ( وتعميم شعره وبشره ) لما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم { } ولأن الحدث عم جميع البدن فوجب تعميمه بالغسل ، ويجب إيصال الماء إلى منابت شعر وإن كثف بخلاف الوضوء لتكرره ، ويجب نقض ضفائر لا يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض ، وغسل ما ظهر من صماخي الأذنين ، وما يبدو من شقوق البدن التي لا غور لها ، وما تحت قلفة أقلف ، وما ظهر من باطن أنف مجذوع ، ومن فرج الثيب عند قعودها لحاجتها ، ويعفى عن باطن شعر معقود ، نعم [ ص: 225 ] شعر العين والأنف لا يجب غسله ، ومراده بالبشرة ما يشمل الأظفار بخلاف نقض الوضوء أما أنا فيكفيني أن أصب على رأسي ثلاثا ثم أفيض بعد ذلك على سائر جسدي بل هما مسنونان كما في الوضوء وغسل الميت ، لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب وليس الأمر هنا كذلك . ( ولا تجب ) في الغسل ( مضمضة ولا استنشاق )