واعلم أن الكعبة إصابة عينها وكذا البعيد في الأظهر ، لكن في القرب يقينا وفي البعد ظنا ، ولا يعكر على ذلك الحديث السابق { الفرض في حق القريب من } ولا صحة صلاة الصف المستطيل من المشرق إلى المغرب لأن المسامتة تصدق مع البعد . ما بين المشرق والمغرب قبلة
ورد بأنها إنما تصدق مع الانحراف .
وأجاب ابن الصباغ بأن المخطئ فيها غير متعين .
ورده بأنه يلزم عليه أن من الفارقي الكعبة لا تصح صلاته لخروجه أو خروج إمامه عن سمتها . صلى مأموما في صف مستطيل وبينه وبين الإمام أكثر من سمت
ويرد وإن نقله جمع وأقروه بأن اللازم على تسليم ما ذكره من البطلان خروج أحدهما فقط لا بعينه ، فالمبطل مبهم وهو لا يؤثر نظير ما يأتي فيما لو صلى لأربع جهات ، وعلى تقدير عدم كونه مسلما الأصح الصحة ، لأنا لا نعلم المسامت من غيره لاتساع المسافة مع البعد ، فأحدهما وإن كان بينه وبين الآخر قدر سمت الكعبة مرارا يحتمل أنه وإمامه من المسامتين ولا بطلان مع الشك في وجود المبطل ( إلا في ) صلاة ( شدة الخوف ) [ ص: 428 ] من مباح قتال أو غيره سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا فلا يكون التوجه شرطا .
نعم إن أمن امتنع عليه فعل ذلك حتى لو كان راكبا وأمن وأراد أن ينزل اشترط أن لا يستدبر القبلة في نزوله ، فإن استدبرها بطلت صلاته بالاتفاق ومن الخوف المجوز لترك الاستقبال أن يكون فله أن يحرم ويتوجه للخروج ويصلي بالإيماء ( و ) إلا في ( نفل السفر ) المباح لمن له مقصد معلوم فلا يشترط فيه الاستقبال فله أن يصلي غير الفرائض ولو عيدا أو ركعتي الطواف ، وخرج بالسفر الحضر فلا يجوز وإن احتيج فيه إلى التردد كالسفر لعدم وروده ( فللمسافر ) السفر المذكور ( التنفل راكبا وماشيا ) { شخص في أرض مغصوبة ويخاف فوت الوقت } أي في جهة مقصده رواه الشيخان " وقد فسر به قوله تعالى { لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به فأينما تولوا فثم وجه الله } وقيس بالراكب والماشي ، لأن المشي أحد السفرين ، وأيضا استويا في صلاة الخوف فكذا في النافلة .
والمعنى فيه أن الناس محتاجون إلى الأسفار ، فلو شرطنا فيها الاستقبال للتنفل لأدى إلى ترك أورادهم أو مصالح معايشتهم ، ويشترط ترك الأفعال الكثيرة من غير عذر كالركض والعدو .
ويشترط أيضا دوام السفر ، فلو وجب عليه إتمامها على الأرض مستقبلا ، وقد يشمل إطلاقه راكب السفينة ، ولا يجوز له التنفل حيثما [ ص: 429 ] توجهت لتيسر الاستقبال ، ويستثنى منه الملاح الذي يسيرها وهو من له دخل في سيرها وإن لم يكن رئيس الملاحين فإنه يتنفل إلى جهة مقصده كما صرح به صاحب العدة وغيره . صار مقيما في أثناء الصلاة
قال في الروضة : لا بد منه وجزم به في التحقيق وإن صحح في الشرح الصغير أنه كغيره وألحق صاحب مجمع البحرين اليمني بملاحها مسير المرقد ولم أره لغيره .
حكمها حكم النافلة على الصحيح لوجود المعنى ، وقد ذكره المصنف في بابه وخرج بالنفل الفرض ولو منذورة وجنازة كما سيأتي تجويزه في أداء الفرض على الدابة ( ولا يشترط طول سفره على المشهور ) لعموم الحاجة وقياسا على ترك الجمعة وعدم القضاء على التيمم والسفر القصير . وسجدة الشكر والتلاوة المفعولة خارج الصلاة
قال وغيره : مثل أن يخرج إلى ضيعة مسيرتها ميل أو نحوه ، الشيخ أبو حامد والقاضي والبغوي : أن يخرج إلى مكان لا يلزمه فيه الجمعة لعدم سماعه النداء .
قال الشرف المناوي : وهذا ظاهر لأنه فارق حكم المقيمين في البلد ، ولعل كلام غيره راجع إليه إلا أن البغوي اعتبر الحكمة وغيره اعتبر المظنة انتهى .
والثاني يشترط كالقصر وفرق الأول بأن النفل أخف ولهذا جاز قاعدا في الحضر مع القدرة على القيام ( فإن أمكن ) يعني سهل ( استقبال الراكب ) ومنه راكب الفلك سوى الملاح ( في مرقد ) كهودج ومحمل واسع في جميع صلاته ( وإتمام ) أركانها كلها أو بعضها نحو ( ركوعه [ ص: 430 ] وسجوده لزمه ) ذلك لتيسره عليه فأشبه راكب السفينة ( وإلا ) أي وإن لم يمكن ذلك كله كأن كان على سرج أو قتب ( فالأصح أنه إن سهل الاستقبال ) كأن كانت سهلة غير مقطورة بأن كانت واقفة أو سائرة وزمامها بيده أو يستطيع راكبها الانحراف إلى القبلة بنفسه ( وجب ) لكونه متيسرا عليه وشمل ما لو كانت مغصوبة ( وإلا ) بأن لم يسهل بأن كانت الدابة سائرة وهي مقطورة أو عسرة أو لا يستطيع الانحراف لعجزه ( فلا ) يجب الاستقبال للمشقة واختلال أمر السير عليه ، وقيل يجب عليه مطلقا ، وقيل لا مطلقا كما في دوام الصلاة