( باب الاعتكاف ) ذكره بعد الصوم لما أنه من شرطه كما سيأتي والشرط يقدم على المشروط وهو لغة افتعال من عكف إذا دام من باب طلب وعكفه حبسه ومنه { والهدي معكوفا } وسمي به هذا النوع من العبادة ; لأنه إقامة في المسجد مع شرائط كذا في المغرب وفي الصحاح الاعتكاف الاحتباس وفي النهاية أنه متعد فمصدره العكف ولازم فمصدره العكوف فالمتعدي بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى { والهدي معكوفا } ومنه الاعتكاف في المسجد وأما اللازم فهو الإقبال على الشيء بطريق المواظبة ومنه قوله تعالى [ ص: 322 ] { يعكفون على أصنام لهم } وشرعا اللبث في المسجد مع نيته فالركن هو شرطان للصحة وأما اللبث والكون في المسجد والنية فيأتي الصوم وأما البلوغ فليس بشرط حتى يصح ومنها الإسلام والعقل والطهارة عن الجنابة والحيض والنفاس كالصوم وكذا الذكورة والحرية فيصح من المرأة والعبد بإذن الزوج والمولى ، ولو نذرا فلمن له الإذن المنع ويقضيانه بعد زوال الولاية بالطلاق البائن والعتق وأما المكاتب فليس للمولى منعه ، ولو تطوعا ولو أذن لها به لم يكن له رجوع لكونه ملكها منافع الاستمتاع بها وهي من أهل الملك بخلاف المملوك ; لأنه ليس من أهله وقد أعاره منافعه وللمعير الرجوع لكنه يكره لخلف الوعد كذا في البدائع وفيه بحث ; لأنه لا حاجة إلى التصريح بالإسلام والعقل لما أنهما علما من اشتراط النية ; لأن الكافر والمجنون ليسا بأهل لها وأما الطهارة من الجنابة فينبغي أن تكون شرطا للجواز بمعنى الحل كالصوم لا للصحة كما صرح به وأما اعتكاف الصبي العاقل فالسنية كما ذكره على كلام فيه يأتي وأما صفته فالنذر إن كان واجبا والنشاط الداعي إلى طلب الثواب إن كان تطوعا وأما سببه فسقوط الواجب ونيل الثواب إن كان واجبا والثاني فقط إن كان نفلا وسيأتي ما يفسده ويكره فيه ويحرم ويندب حكمه كثيرة ; لأن فيه تفريغ القلب عن أمور الدنيا وتسليم النفس إلى المولى والتحصن بحصن حصين وملازمة بيت رب كريم كمن احتاج إلى عظيم فلازمه حتى قضى مآربه فهو يلازم بيت ربه ليغفر له كذا في الكافي وفي الاختيار وهو من أشرف الأعمال إذا كان عن إخلاص . ومحاسنه