( باب مجاوزة الميقات بغير إحرام ) .
وصله بما قبله ; لأنه جناية أيضا لكن ما سبق جناية بعد الإحرام ، وهذا قبله والميقات مشترك بين الزمان والمكان بخلاف الوقت فإنه خاص بالزمان ، والمراد به هنا الميقات المكاني بدليل المجاوزة ، وقد قدمنا أنه لا يجوز مجاوزة آخر المواقيت إلا محرما فإذا جاوزه بلا إحرام لزمه دم ، وأحد النسكين إما حج أو عمرة ; لأن الحرم بمنزلة إيجاب الإحرام على نفسه ، ولو مجاوزة الميقات بنية دخول لزمه إما حج أو عمرة فكذلك إذا وجب بالفعل كما إذا قال : لله علي أن أحرم وجب عليه قضاء ركعتين كما لو أوجبها بالقول ( قوله : من افتتح صلاة التطوع ثم أفسدها بطل الدم ) أي من جاوز آخر المواقيت بغير إحرام ثم عاد إليه ، وهو محرم ، ولبى فيه فقد سقط عنه الدم الذي لزمه بالمجاوزة بغير إحرام ; لأنه قد تدارك ما فاته أطلق الإحرام فشمل إحرام الحج فرضا كان أو نفلا ، وإحرام العمرة ، وأشار إلى أنه لو عاد بغير إحرام ثم أحرم منه فإنه يسقط الدم بالأولى ; لأنه أنشأ التلبية الواجبة عند ابتداء الإحرام ، ولهذا كان السقوط متفقا عليه ، وقيد بكونه ملبيا في الميقات ; لأنه لو عاد محرما ، ولم يلب في الميقات فإنه لا يسقط الدم عنه ، وهو قول جاوز الميقات غير محرم ثم عاد محرما ملبيا أو جاوز ثم أحرم بعمرة ثم أفسد ، وقضى ; لأنه لا يكون متداركا لما [ ص: 52 ] فاته إلا بها ، وعندهما يسقط الدم مطلقا كما لو الإمام فإنه لا شيء عليه اتفاقا وجوابه أن الإحرام من دويرة أهله هو العزيمة ، وقد أتى به فإذا ترخص بالتأخير إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية ، وأشار إلى أنه لو عاد محرما ، ولم يلب فيه لكن لبى بعدما جاوزه ثم رجع ، ومر به ساكتا فإنه يسقط عنه بالأولى ; لأنه فوق الواجب عليه في تعظيم البيت ، وأطلق في العود فشمل ما إذا عاد إلى الميقات الذي جاوزه غير محرم أو إلى غيره أقرب أو أبعد ; لأن المواقيت كلها سواء في حق الإحرام والأولى أن يحرم من وقته كذا في المحيط ، وقيدنا بكونه جاوز آخر المواقيت لما قدمناه في باب الإحرام أنه لا يجب إلا عند آخرها ويجوز مجاوزة ميقاته بغير إحرام إذا كان بعده ميقات آخر وترك أحرم من دويرة أهله ، ومر بالمواقيت ساكتا المصنف قيدا لا بد منه ، لا يسقط عنه الدم اتفاقا ، وكذا بعد الوقوف وهو أن يكون العود إلى الميقات قبل الشروع في الأعمال فلو عاد إليه بعدما طاف شوطا بعرفة من غير طواف ; لأن ما شرع فيه وقع معتدا به فلا يعود إلى حكم الابتداء بالعود إلى الميقات .
وما في الهداية من التقييد باستلام الحجر مع الطواف فليس احترازيا بل الطواف يؤكد الدم من غير استلام كما نبه عليه في العناية ، ولم يذكر المصنف أن العود أفضل أو تركه ، وفي المحيط إذا عاد فإنه لا يعود ويمضي في إحرامه ، وإن لم يخف فوته عاد ; لأن الحج فرض والإحرام من الميقات واجب ، وترك الواجب أهون من ترك الفرض . ا هـ . إن خاف فوت الحج
فاستفيد منه أنه لا تفصيل في العمرة ، وأنه يعود ; لأنها لا تفوت أصلا وبما قررناه علم أنه لا حاجة إلى قوله أو جاوز ثم أحرم إلى آخره لدخوله تحت قوله ثم عاد محرما ملبيا ; لأنه لا فرق كما علمت بين إحرام الحج والعمرة أداء أو قضاء ، وإن كان أفردها لأجل أن يخالف فيها فهو مخالف أيضا فيما قبلها خصوصا أنه موهم غير المراد فإنه لم يشترط العود إلى الميقات في القضاء ، ولا بد منه للسقوط ، وقيد بالعمرة ، وليس احترازيا بل إذا زفر فالحكم كذلك من سقوط الدم . فسد الحج ثم قضاه بأن عاد إلى الميقات