الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
8 (وكتب nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي: إن nindex.php?page=treesubj&link=28647للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا، فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص).
الأول: في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعدي. أما nindex.php?page=treesubj&link=33733عمر فهو ابن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي القرشي الإمام العادل، أحد الخلفاء الراشدين، سمع nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنسا وغيرهما، وصلى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس خلفه قبل خلافته، ثم قال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، تولى الخلافة سنة تسع وتسعين ومدة خلافته سنتان وخمسة أشهر نحو خلافة الصديق رضي الله عنه، فملأ الأرض قسطا وعدلا. وأمه حفصة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولد بمصر، وتوفي بدير سمعان بحمص يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة.
وقال القاضي جمال الدين بن واصل: والظاهر عندي أن دير سمعان هو المعروف الآن بدير النقيرة من عمل معرة النعمان، فإن قبره هو هذا المشهور، وأوصى أن يدفن معه شيء كان عنده من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظفاره، وقال: إذا مت فاجعلوه في كفني ففعلوا ذلك، وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل: يروى في الحديث أن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز.
قال النووي في تهذيب الأسماء: حمله العلماء في المائة الأولى على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، والثانية على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، والثالثة على nindex.php?page=showalam&ids=13269ابن شريح. وقال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر: هو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن الأشعري، والرابعة: على ابن أبي سهل الصعلوكي، وقيل: nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي الباقلاني، وقيل: nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني. وفي الخامسة: على nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي، انتهى. وقال الكرماني: لا مطمح لليقين فيه، فللحنفية أن يقولوا: هو الحسن بن زياد في الثانية، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي في الثالثة وأمثالهما، وللمالكية أنه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب في الثانية، وهلم جرا. وللحنابلة أنه الخلال في الثالثة والراغوني في الخامسة. إلى غير ذلك. وللمحدثين أنه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين في الثانية nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في الثالثة ونحوهما، ولأولي الأمر أنه المأمون والمقتدر والقادر، وللزهاد أنه معروف الكرخي في الثانية والشبلي في الثالثة ونحوهما، وأن تصحيح الدين متناول لجميع أنواعه مع أن لفظة من تحتمل التعدد في المصحح، وقد كان قبيل كل مائة أيضا من يصحح ويقوم بأمر الدين، وإنما المراد من انقضت المائة وهو حي عالم مشار إليه وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى حديث واحد رواه في الاستقراض من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الفلس، وفي الرواة أيضا عمر بن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص روى له nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فقط.
وأما عدي فهو ابن عدي بفتح العين فيهما ابن عميرة بفتح العين ابن زرارة بن الأرقم بن عمر بن وهب بن ربيعة بن الحارث بن عدي أبو فروة الكندي الجزري التابعي، روى عن أبيه وعمه العرس بن عميرة وهما صحابيان، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم وغيره من التابعين وغيرهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: هو سيد أهل الجزيرة، ويقال: اختلفوا في أنه صحابي أم لا؟ والصحيح أنه تابعي، وسبب الاختلاف أنه روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة فظنه بعضهم صحابيا، وكان عدي عامل nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز على الجزيرة والموصل، واستعمال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر له يدل على أنه لا صحبة له لأنه عاش بعد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولم يبق أحد من الصحابة إلى خلافته، وتوفي سنة عشرين ومائة. وروى له nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وليس له في الصحيحين شيء ولا في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي.
الثاني: أن هذا من تعاليق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، ذكره بصيغة [ ص: 114 ] الجزم، وهو حكم منه بصحته، وأخرجه أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر بن يزيد رستة في كتاب الإيمان تأليفه، فقال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم، قال: كتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه. فذكره.
وهذا إسناد صحيح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم، قال: حدثني عيسى بن عاصم، قال: حدثنا عدي بن عدي، قال: كتب إلي nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن nindex.php?page=treesubj&link=28647الإيمان فرائض وشرائع وحدود وسنن. إلى آخره.
ولما فهم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من قول عمر فمن استكملها إلى آخره، أي إنه قائل بأنه يقبل الزيادة والنقصان، ذكره في هذا الباب عقيب الآيات المذكورة.
وقال الكرماني: لقائل أن يقول: لا يدل ذلك عليه بل على خلافه; إذ قال للإيمان كذا وكذا فجعل الإيمان غير الفرائض وأخواتها، وقال: استكملها أي الفرائض ونحوها لا الإيمان، فجعل الكمال لما للإيمان لا للإيمان. قلت: لو وقف الكرماني على رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة لما قال ذلك; لأن في روايته جعل الفرائض وأخواتها عين الإيمان على ما لا يخفى، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر هاهنا فإن الإيمان فرائض نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، وقال بعضهم: وبالأول جاء الموصول، قلت: جاء الموصول بالأول وبالثاني جميعا على ما ذكرنا.
الثالث: في معناه، فقوله فرائض أي أعمالا فريضة، وشرائع أي عقائد دينية، وحدودا أي منهيات ممنوعة، وسننا أي مندوبات.
قال الكرماني: وإنما فسرناها بذلك ليتناول الاعتقاديات والأعمال والتروك واجبة ومندوبة ولئلا يتكرر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12887ابن المرابط: الفرائض ما فرض علينا من صلاة وزكاة ونحوهما، والشرائع كالتوجه إلى القبلة، وصفات الصلاة، وعدد شهر رمضان، وعدد جلد القاذف، وعدد الطلاق إلى غير ذلك.
والسنن ما أمر به الشارع من فضائل الأعمال، فمن أتى بالفرائض والسنن وعرف الشرائع فهو مؤمن كامل.
قوله " فسأبينها " أي فسأوضحها لكم إيضاحا يفهمه كل أحد منكم، فإن قلت: كيف أخر بيانها والتأخير عن وقت الحاجة غير جائز؟ ! قلت: إنه علم أنهم يعلمون مقاصدها ولكنه استظهر وبالغ في نصحهم وتنبيههم على المقصود وعرفهم أقسام الإيمان مجملا وأنه سيذكرها مفصلا إذا تفرغ لها، فقد يكون مشغولا بأهم من ذلك.