الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8988 4507 - (9241) - (2\404) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات: قوله حين دعي إلى آلهتهم: إني سقيم [ الصافات: 89]، وقوله: فعله كبيرهم هذا [الأنبياء: 63]، وقوله لسارة: إنها أختي".

قال: "ودخل إبراهيم قرية، فيها ملك من الملوك - أو جبار من الجبابرة - فقيل: دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس، قال: فأرسل إليه الملك - أو الجبار - : من هذه معك؟ قال: أختي، قال: أرسل بها، قال: فأرسل بها إليه،

[ ص: 199 ]

وقال لها: لا تكذبي قولي، فإني قد أخبرته أنك أختي، إن على الأرض مؤمن غيري وغيرك، قال: فلما دخلت إليه، قام إليها، قال: فأقبلت توضأ وتصلي، وتقول: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي، فلا تسلط علي الكافر. قال: فغط حتى ركض برجله - قال أبو الزناد: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: إنها قالت: اللهم إنه إن يمت، يقل: هي قتلته - ، قال: فأرسل، ثم قام إليها، فقامت توضأ وتصلي، وتقول: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي، فلا تسلط علي الكافر. قال: فغط حتى ركض برجله - قال أبو الزناد، قال أبو سلمة، عن أبي هريرة: إنها قالت: اللهم إنه إن يمت، يقل: هي قتلته - ، قال: فأرسل، فقال في الثالثة، أو الرابعة: ما أرسلتم إلي إلا شيطانا، ارجعوها إلى إبراهيم، وأعطوها هاجر. قال: فرجعت، فقالت لإبراهيم: أشعرت أن الله تعالى رد كيد الكافر، وأخدم وليدة؟!".


التالي السابق


* قوله : "إلا ثلاث كذبات": بفتح الذال، هو الجيد، وجوز سكونه، والمراد: أنها كذبات ظاهرا، وإن كانت في الحقيقة معاريض، وهي من قبيل التورية لا الكذب.

* "قوله " بالنصب: بدل، أو بالرفع: خبر لمقدر.

* "إني سقيم"؛ أي: مريض القلب من كفركم، أو سأمرض، والإنسان

لا يخلو عن ذلك، ولخفاء هذا المعنى وظهور معنى لا تحقق له، عد كذبا.

* "فعله كبيرهم"؛ أي: ينبغي على زعمهم الفاسد أنهم آلهة أن يكون كبيرهم

هو الفاعل المتولي لأمر كسر الصغار، ولكن لما كان هذا المعنى خفيا، والمعنى الظاهر غير واقع، عد كذبا.

* "لسارة"؛ أي: في شأنها.

[ ص: 200 ]

* "إنها أختي"؛ أي: في الدين، لكن لكون الظاهر أن المراد: أنها أختي في النسب، عد كذبا.

* "فقيل:"؛ أي: لذلك الجبار.

* "قال: أختي"؛ قيل: لم يقل: زوجتي؛ لئلا يلزم بالطلاق، أو لئلا تحمله الغيرة على القتل.

* "لا تكذبي": من التكذيب.

* "أن على الأرض"؛ أي: ما عليها، ولعل المراد: ذاك المحل، ولم يكن معهما لوط ثم.

* "مؤمن غيري وغيرك"؛ أي: فأنت أختي دينا، فهذا يدل على أنه قصد التورية لا الكذب.

* "فأقبلت"؛ أي: سارة حين رأته مقبلا إليها.

* "وأحصنت"؛ أي: حفظت.

* "إلا على زوجي" فيه استثناء مفرغ في الإثبات.

* "فغط": بضم الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة؛ أي: أخذ بمجاري نفسه حتى سمع له غطيط.

* "ركض برجله"؛ أي: ضرب بها الأرض.

* "إن يمت"؛ أي: هذا الجبار، يقل.

* "فأرسل": على بناء المفعول: أطلق الجبار مما عرض له.

* "إلا شيطانا"؛ أي: إلا شخصا شديدا من الجن.

[ ص: 201 ]

* "وأخدم"؛ أي: أعطى للخدمة.

* "وليدة"؛ أي: جارية.

* * *




الخدمات العلمية