باب في ( قال اجتهاد الحاكم ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { الشافعي وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } [ ص: 99 ] قال الحسن بن أبي الحسن لولا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا لصوابه وأثنى على هذا باجتهاده ( أخبرناالربيع ) قال : ( أخبرنا ) قال أخبرنا الشافعي الدراوردي عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بشر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { عمرو بن العاص } قال إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر يزيد فحدثت بهذا الحديث فقال هكذا حدثني أبا بكر بن حزم عن أبو سلمة ومن أبي هريرة فإنما كلف الاجتهاد ويسعه فيه الاختلاف فيكون فرضا على المجتهد أن يجتهد برأي نفسه لا برأي غيره ، وبين أنه ليس لأحد أن يقلد أحدا من أهل زمانه كما لا يكون لأحد له علم بالتوجه إلى القبلة يرى أنها في موضع أن يقلد غيره إن رأى أنها في غير ذلك الموضع ، وإذا كلفوا الاجتهاد فبين أن الاستحسان بغير قياس لا يجوز كلف لأحد ( قال ) : والقياس قياسان : أحدهما : يكون في مثل معنى الأصل فذلك الذي لا يحل لأحد خلافه ، ثم قياس أن يشبه الشيء بالشيء من الأصل ، والشيء من الأصل غيره ، فيشبه هذا بهذا الأصل ، ويشبه غيره بالأصل غيره ( قال أمر أن يجتهد على مغيب ) وموضع الصواب فيه عندنا - والله تعالى أعلم - أن ينظر ، فأيهما كان أولى بشبهه صيره إليه إن أشبه أحدهما في خصلتين ، والآخر في خصلة ألحقه بالذي هو أشبه في خصلتين ومن اجتهد من الحكام ، ثم رأى أن اجتهاده خطأ ، أو قد خالف كتابا أو سنة ، أو إجماعا ، أو شيئا في مثل معنى هذا رده ولا يسعه غير ذلك ، وإن كان مما يحتمل ما ذهب إليه ويحتمل غيره لم يرده من ذلك أن على من اجتهد على مغيب فاستيقن الخطأ كان عليه الرجوع ، ولو صلى على جبل من جبال الشافعي مكة ليلا فتأخى البيت ، ثم أبصر فرأى البيت في غير الجهة التي صلى إليها أعاد وإن كان بموضع لا يراه لم يعد من قبل أنه رجع في المرة الأولى من مغيب إلى يقين وهو في هذه المرة يرجع من مغيب إلى مغيب وهذا موضوع في كتاب " جماع العلم من الكتاب والسنة " وكتاب القضاء ، والحق في الناس كلهم واحد ولا يحل أن يترك الناس يحكمون بحكم بلدانهم إذا كانوا يختلفون فيما فيه كتاب ، أو سنة ، أو شيء في مثل معناهما حتى يكون حكمهم واحدا إنما يتفرقون في الاجتهاد إذا احتمل كل واحد منهم الاجتهاد ، وأن يكون له وجه .