ومنها : أن من ملك التصرف القولي بأسباب مختلفة ثم صدر منه تصرف صالح للاستناد إلى كل واحد من تلك الأسباب فإنه يحمل على أغلبها . فمن هذا تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتيا والحكم والأمانة العظمى ، فإنه إمام الأئمة ، فإذا صدر منه تصرف حمل على أغلب تصرفاته وهو الفتيا ما لم يدل دليل على خلافه ، وله أمثلة : أحدها : { لهند امرأة أبي سفيان لما شكت إليه إمساك وشحه : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف أبي سفيان } احتمل أن يكون فتيا ، واحتمل أن يكون حكما ، فمنهم من جعله حكما والأصح أنه فتيا ، لأن فتياه صلى الله عليه وسلم أغلب من أحكامه ، ولأنه لم يستوف شروط القضاء . قوله صلى الله عليه وسلم
المثال الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : { } محمول على الفتيا لأنه أغلب تصرفه بالقضاء وبالإمامة العظمى . [ ص: 143 ] من قتل قتيلا فله سلبه
المثال الثالث : قوله صلى الله عليه وسلم : { } حمله من أحيا أرضا ميتة فهي له رحمه الله على التصرف بالإمامة العظمى ، لأنه لا يجوز إلا بإذن الإمام وحمله أبو حنيفة رحمه الله على التصرف بالفتيا لأنه الغالب عليه ، وقال يكفي في ذلك إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما يحمل على غالب التصرف تصرف الوكيل والمضارب ، والوصي ، والولي العام والخاص ، إذا اشتروا شيئا بثمن مثله مما يصح شراؤه لأنفسهم وللمولى عليهم فإنه يقع لهم ، لأن الغالب من تصرفاتهم التصرف لأنفسهم فقصر عليهم إلا أن ينووا به من تحت ولايتهم ، وإن اشتروه مطلقا بعين مال المولى عليهم تعين للمولى عليهم إذ لا تردد فيه . الشافعي
( قاعدة ) كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل ، فإن شرط نفي الخيار في البيع صح على قول مختار لأن لزومه هو المقصود والخيار دخيل عليه . فلا يصح بيع حر ولا أم ولد ، ولا نكاح محرم ، ولا محرم ، ولا إجارة على عمل محرم