تحذير الشارع عن مفارقة الجماعة وهم المتمسكون بالكتاب والسنة
وعن - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي ذر ; أي : ولو ساعة ، أو في قليل من الأحكام ، «من فارق الجماعة شبرا» رواه «فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» ، أحمد . وأبو داود
«الربقة» - بكسر الراء وفتحها- : حبل فيه حلق ، يجعل كل حلقة منها في عنق الغنم ، ويقال لكل حلقة منها : «ربقة» .
والمراد بالجماعة - كما مر فيما سبق - : جماعة الصحابة ، ومن على طريقتهم وسيرهم في الاتباع ، وترك الابتداع ، وهي المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث : ابن عمر «اتبعوا السواد الأعظم ، فإنه من شذ ، شذ في النار» رواه من حديث ابن ماجه . أنس
قال في «المرقاة» : يعبر به - أي : بالسواد الأعظم - عن الجماعة الكثيرة ، والمراد : ما عليه أكثر المسلمين . انتهى .
وهم أهل السنة والجماعة ، ولأنهم كثيرون بالنسبة إلى سائر الفرق الإسلامية اليوم .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رواه «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم ، يأخذ الشاذة والقاصية والناحية ، وإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة» عن أحمد مرفوعا . معاذ بن جبل
[ ص: 70 ] و «الشعاب» ; من الشعب ، وهو الوادي ، وتجتمع فيه طرق وتفترق منه طرق .
وقال : ; أي : انفرد عن الجماعة ، وخرج عن طريقتهم المأثورة ، «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ، ويد الله على الجماعة ، ومن شذ» رواه «شذ في النار» عن الترمذي مرفوعا . ابن عمر
وفي هذه دلالة واضحة على ، وترك الشعاب المختلفة والطرق المتباينة الحادثة في دين الإسلام ، التي ابتدعها أهل البدع والإشراك ، وأصحاب الأهواء والضلالات . الاعتصام بالكتاب والسنة
وفيه أن ، بل يكون فيها من يعمل بالهدى . وهذا صحيح موجود بوجود أهل الحديث والسنة في كل زمن وقطر وأفق ، وإن كانوا قليلين ، وأن يد الله عليهم لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم . الأمة لا تضل جميعها
ومن حمل لفظ الجماعة على غير أهل السنة ، فقد أبعد النجعة ، ولم يدرك معنى الحديث ، والحديث يفسر بعضه بعضا ، فتأمل .