الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في السلم في اللحم]

                                                                                                                                                                                        السلم في اللحم يجوز بأربعة شروط:

                                                                                                                                                                                        تسمية الجنس، ضأن أو معز، أو غير ذلك.

                                                                                                                                                                                        والسن، جذع أو ثني أو رباعي، ذكرا أو أنثى، فحلا أو خصيا. [ ص: 2915 ]

                                                                                                                                                                                        وموضعه من السمانة.

                                                                                                                                                                                        ووزنا معلوما.

                                                                                                                                                                                        وأجاز في الكتاب أن يسلم تحريا من غير وزن، والوزن أحسن إلا عند عدم الموازين.

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: قال مالك: إذا اشترط تحريا معلوما، فإن ذلك جائز، ألا ترى أن اللحم يباع بعضه ببعض بالتحري، والخبز أيضا يباع بعضه ببعض بالتحري.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القصار: اختلفت الروايات عن مالك في جواز بيع اللحم باللحم، والخبز بالخبز على التحري بغير وزن، فأجازه في البوادي والقوافل، وحيث يتعذر الوزن استحسانا، قال: وروي عنه المنع منه.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: وهو أحسن ألا يجوز ذلك بحال، بخلاف السلم؛ لأن المماثلة لا يقطع بها في تحري بعضه ببعض، والتفاضل اليسير ربا وحرام، والسلم يراد منه رفع الغرر، وإذا كان التحري يأتي على المقاربة فيما يتحرى من ذلك أن يقع الغرر فافترقا، والصواب أنه لا يسلم إلا على وزن معلوم؛ لأنه أسلم من الغرر.

                                                                                                                                                                                        وأجاز ابن القاسم في كتاب محمد إذا أسلم في اللحم ألا يسمى الموضع الذي يؤخذ منه، قيل له: فإن قضاه مع ذلك بطونا فأبى عليه، قال: أفيكون لحم بغير بطون؟. [ ص: 2916 ]

                                                                                                                                                                                        ومحمل قوله على أن تلك عادة لهم، فأما اليوم فلا يقضى بذلك؛ لأن الشأن بيع البطون بانفرادها.

                                                                                                                                                                                        وأرى إن سميا الناحية التي يقضى منها، فهو أحسن، وإن لم يسم قضى من المقدم والمؤخر، ولم يخص ناحية دون غيرها.

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم في الرؤوس سمى الجنس ضأنا أو معزا أو بقرا، والسن حملانا، أو ثنيانا، أو غير ذلك.

                                                                                                                                                                                        والتسمية في الرؤوس آكد منها في اللحم؛ لأنه لا يسلم فيها بوزن، فكانت تسمية الصغير من الكبير آكد منها في غيرها، ويسمي موضعه من الجودة والدناءة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية