الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في بيع العرية بطعام من جنسها وغيره]

                                                                                                                                                                                        بيع العرية بطعام من غير جنسها، مثل أن تكون تمرا فيبيعها بحنطة على ثلاثة أقسام: فقسم يجوز المبايعة فيه وإن لم يتقابضا في الثمن والمثمون فيجوز مع عدم الجداد وتأخر العوض، وقسم يجوز بشرط التقابض في الثمن [ ص: 4289 ] والمثمون تارة، وتارة يجوز التراخي فيهما، وقسم يجوز بشرط قبض العوض، ويختلف في جواز تأخير جداد الثمرة، فإن بيعت العرية قبل أن يطلع في النخل ثمرة أو طلعت ولم تؤبر- جازت بالطعام نقدا ومؤجلا؛ لأنه يتحلل بذلك الرقاب، وسواء كانت العرية سنة أو سنتين، وهو بمنزلة من اشترى منحته بطعام نقدا ومؤجلا، ويجوز أيضا وإن كانت العرية نخلا بتمر نقدا ومؤجلا.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الثمار مؤبرة والعرية عاما واحدا، وكانت الثمار لو جدت علفا، جاز بيعها بالطعام من جنسها وغيره نقدا ومؤجلا إذا جدت الثمرة، وإن كانت تراد لو جدت للأكل لم يجز على قول ابن القاسم، إلا أن يجد الثمرة ويقبض العوض بالحضرة، وعلى قول أشهب يجوز بشرط قبض العوض، وإن لم يجد الثمرة إذا كان لا يؤخر جدادها حتى يبدو صلاحها.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت العرية سنين وفيها الآن ثمر مأبور فأحبا التبايع فيها بطعام، رأيت أن تفرد هذه الثمرة بعقد عن الأعوام الباقية، وإن جمعاها في عقد وكانت هذه الثمرة تبعا، ويسيرة في جنب ثمرة الأعوام الباقية، كان واسعا أن تباع بطعام نقدا وإلى أجل من جنسها وغيره؛ لأنه متحلل للرقاب، وإن بدا صلاحها والعرية عاما واحدا، وبيعت بغير جنسها لم يجز أن يتأخر دفع [ ص: 4290 ] العوض عن العقد. ويختلف هل يجوز تأخير الجداد؟ فمنع ذلك ابن القاسم، ويجوز على أصل أشهب؛ لأنه لا يرى فيها جائحة إذا بيعت بالعين، وأنها في ضمان المشتري لها الآن لما كانت في أصوله وسقيها عليه فهي مقبوضة عنده.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية