الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف إذا شهد شاهد بعد موت الزوج أو الزوجة، فقال ابن القاسم: يحلف المشهود له ويستحق الميراث والصداق، وإن كان الشاهد لها. وقال أشهب: لا يستحق ذلك إلا بشاهدين، وقد تقدم ذلك، وإن شهد بطلاق أحلف الزوج.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا نكل، فقال مالك: تطلق، وبه أخذ أشهب. وقال أيضا: يسجن أبدا حتى يحلف. وقال: إن طال سجنه خلي. وبه أخذ ابن القاسم، قال: والطول سنة. فرأى أشهب أنه لما اجتمع قول العدل والنكول، قويت الظنة ففرق بالشك ولم يثق به، واستحسن محمد قول ابن القاسم وقال: لأني لو حكمت عليه بالطلاق لكنت حكمت عليه بشاهد بلا يمين، وذلك في الحكم أدنى من الحكم في دينار أو درهم. [ ص: 5496 ]

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يخرج بعد السنة ولا يمكن منها؛ لأن الشهادة تتضمن حقا للمرأة وحقا لله -سبحانه-، والأصل فيمن تعلق له حق قبل آدمي، فنكل عن اليمين أن لا يسقط ذلك الحق بالنكول، وهو مطالب به أبدا، فمن حقها أن لا تمكنه حتى يحلف، فإن أسقطت حقها ووضعته منع لحق الله -تعالى- قياسا على حق الآدمي، وكذلك إن شهد شاهد بعتق فنكل السيد، أعتق عليه على أحد القولين، وإن شهد بتمليك كان كشاهد على طلاق، ويحلف الزوج ويبرأ.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا نكل الزوج واختارت الزوجة الطلاق، هل تطلق عليه؟ فإن شهد بخلع فإن كان هو القائم بالشاهد، كان كشاهد على مال؛ لأن الطلاق بيده، وهو مقر بالطلاق فيحلف ويأخذ المال، وإن كانت المرأة هي القائمة به كان كشاهد على طلاق، فيختلف إذا نكل الزوج هل تطلق عليه؟ وأرى أن يمنع منها حسب ما تقدم. وإن شهد على نسب أو ولاء، لم يحلف مع الشاهد، إن كانت الشهادة على حي، وإن كانت على ميت ليرث منه، وكان للميت ولد ثابت النسب، أو مولى معروف وأثبت هذا أنه ولد الميت، أو مولى مع الأول حلف من ثبت نسبه، أو ولاؤه وكان أحق بالميراث، واليمين إن ادعى الطارئ المعرفة. [ ص: 5497 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكن هناك نسب ثابت سوى الطارئ، هل يحلف ويرث أو يكون الميراث لبيت المال. وأرى أن من أقام شاهدا أولى، وقال ابن القاسم -فيمن ادعى على رجل أنه عبده فأنكر وقال أنا حر-: فليس له أن يحلفه إلا أن يقيم شاهدا فيحلف ويستحق. وقال سحنون: ليس ذلك له إذا كان معروفا بالحرية. وأرى إن لم يكن معروفا بالحرية ولا عبودية، أن يحلف ويستحق، وإن كان مشهورا بحرية وأنه ابن فلان الحر، لم يستحق بشاهد ويمين ولا بشاهدين، إلا أن يثبت استحقاق أمه، أو ما أشبه ذلك مما يخفى، ويبطل ما كان به معروفا.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية